صلاح لهم وللقضية فيتقبّلها هؤلاء بكلّ رحابة صدر ، أوّلا : لأنّها غاية مناهم ، وثانيا : لأنّها تحقّق أهدافهم التي أخلصوا لها ، فإذا كان تحقيق الأهداف لا يمكن إلّا عبر الشهادة فأهلا بها وألف مرحبا.
(وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ)
لقد حقّ عليهم العذاب السيء لأنّهم ما استجابوا للنذير.
[٤٦] ما هو سوء العذاب الذي حاق بآل فرعون؟ كلّنا يعلم أنّهم أغرقوا في اليمّ ، وأورث الله بني إسرائيل ديارهم وأموالهم ، ولكنّ السياق هنا يتجاوز ذلك الى عذاب آخر أشدّ من الغرق. لماذا؟
إنّ الإنسان يعرف جانبا من أهوال الغرق ، خصوصا إذا شمل مئات الألوف من الناس ، كما جرى لآل فرعون. ولكن السياق يذكّرنا بأنّ هذه الأهوال بسيطة إذا قيست بعذاب الآخرة. أو ليس الموت مكتوبا على كلّ نفس؟ وأنّى كانت أسبابه فإنّ مرارته في لحظات. أمّا النار التي أنذر بها الوحي فهي خالدة. أمّا في البرزخ فإنّها :
(النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا)
ونستوحي من الآية أنّ أرواح الكفار تؤخذ كلّ يوم مرّتين إلى النار : أوّل النهار وآخره ، ولعلّ مجرد زيارة النار تعتبر عذابا سيئا ، إذ أنّهم يمسّهم لهيبها ، ويردعون بألوان العذاب فيها. أو أنّهم يدخلون سواء النار ليعذبوا فيها مباشرة.
وفي الحديث عن الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ في تفسير هذه الآية أنه :
سأل أوّلا عن تفسير الناس لهذه الآية ، فقال : ما يقول الناس؟ قال الراوي :