المدينة الحكم بن المطّلب المخزومي على بعض المساعي ، فلم يرفع شيئا ، فقال له الوالي : أين الإبل والغنم؟ قال : أكلنا لحومها بالخبز ، قال : فأين الدنانير والدراهم؟ قال : اعتقدنا بها الصنائع في رقاب الرجال فحبسه ، فأتاه وهو في الجيش بعض ولد نهيك بن أساف الأنصاري فمدحه فقال :
خليليّ إن الجود في السجن فابكيا |
|
على الجود إذ سدّت علينا مرافقه |
ترى عارض المعروف كل عشيّة |
|
وكلّ ضحى يستنّ في السجن بارقه |
إذا صاح كبلاه طفا فيض بحره |
|
لزوّاره حتى تعوم غرائقه (١) |
فأمر له بثلاثة آلاف درهم ، وهو محبوس.
قال (٢) : ونا الزبير ، قال : وأخبرني نوفل بن ميمون ، أنشدني أبو مالك محمّد بن مالك بن علي بن هرمة لعمه إبراهيم بن علي بن هرمة ، يمدح الحكم بن المطّلب :
تصبّح أقوام عن المجد والعلا |
|
فأضحوا نياما وهو لم يتصبّح |
إذا كدحت أعراض قوم بلومهم |
|
نجا سالما من لومهم لم يكدّح |
ليهنك إن المجد أطلق رحله |
|
لديك على خصب خصيب ومسرح |
قال : ونا الزبير قال : قال عمي مصعب بن عبد الله : كان الحكم بعد حاله هذه قد تخلى من الدنيا ، ولزم الثغور حتى مات بالشام ، وأمّه السيدة بنت جابر بن الأسود بن عوف الزهري (٣).
قال : ونا الزبير ، قال : وحدّثني يحيى بن محمّد ، حدّثني إسحاق بن محمّد المسيبي ، قال : أخبرني من رأى الحكم بن المطّلب حين صار إلى منبج وتزهد وإنه ليحمل زيتا في يده ولحما (٤).
قال : ونا الزبير ، حدّثني محمّد بن الضحاك ، قال : ذكر رجل أنه رأى الحكم بن المطّلب بعد أن تزهد بثغر منبج مسمطا لحما يحمله (٥).
__________________
(١) في ابن العديم : «غرانقه» وفي المختصر : عرائقه.
(٢) الخبر نقله ابن العديم ٦ / ٢٨٦٩.
(٣) الخبر في نسب قريش للمصعب الزبيري ص ٣٤١.
(٤) بغية الطلب لابن العديم ٦ / ٢٨٧١.
(٥) بغية الطلب لابن العديم ٦ / ٢٨٧١.