ترى (١) بين الحريش وتل مجزى |
|
فوارس من نمارة غير ميل |
فلا جزعين إن ضرّاء نابت |
|
ولا فرحين (٢) بالخير القليل |
قال : ثم سكت فكلّمناه وقلنا : من أنت؟ فلم يرد علينا شيئا ، فلما انتهينا إلى الرّها قال : دعوني فلأصلي في بيعتها قلنا : دونك ، قال : فصلّى وكلّ ذلك لا يكلّمنا ، فلما انتهينا إلى حرّان قال : أي مدينة هذه؟ قلنا : هذه مدينة حرّان ، قال : أما إنها أول مدينة بنيت بعد بابل ، ثم سكت ، فأقبلنا عليه فقلنا : كلمنا ما حالك؟ فأبى أن يكلّمنا ، فلما دخلنا حرّان قال : دعوني حتى استحم في حمّامها ، فاطّلى ثم خرج كأنه برطيل (٣) فضة بياضا وعظما.
قال : فأدخلته (٤) على هشام ، فأخبرته كيف كان أمره وما جعل يسألنا عنه ، فقال له هشام : ممن أنت؟ قال : أنا رجل من إياد ثم أحد بني حذافة فقال : ويحك أراك رجلا عربيا لك جمال وفصاحة ، فأسلم تحقن دمك ونسني (٥) عطاءك قال : إن لي ب [بلاد] الروم أولادا ، قال : ونفك ولدك ، قال : ما كنت لأرجع عن ديني ، فأقبل به هشام وأدبر ، فأبى ، فقال : دونك فاضرب عنقه ، قال : فضربت عنقه (٦).
١٩٠٩ ـ خالد بن غفران
من أفاضل التابعين كان بدمشق.
أخبرنا أبو محمّد عبد الجبار بن محمّد بن أحمد البيهقي في كتابه ، وحدّثنا أبو الحسن علي بن سليمان بن أحمد عنه ، قال : أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : سمعت أبا الحسين علي بن محمّد الأديب يذكر بإسناد له : أن رأس الحسين بن علي لما صلب بالشام أخفى خالد بن غفران ، وهو من أفاضل التابعين شخصه عن أصحابه فطلبوه شهرا حتى وجدوه فسألوه عن عزلته ، فقال : أما ترون ما نزل بنا ثم أنشأ يقول :
__________________
(١) معجم البلدان : ثوى بين الجريش وتل بحري.
(٢) معجم البلدان : فلا جزعون ... ولا فرحون.
(٣) البرطيل : بالكسر ، حجر أو حديد طويل صلب خلقة ينقر به الرحى (القاموس).
(٤) بالأصل : فإذا دخلته.
(٥) معجم البلدان : ونحسن.
(٦) الخبر نقله ياقوت في معجم البلدان «تل محرى».