وبعد العصر ذهب صاحبا الدولة أنور باشا وجمال باشا مع أركان معيتهما إلى الجامع الأموي الكبير ، وكانت الجنود مصطفة أمام باب الجامع ، فحيتهما التحية العسكرية ، ولما دخلا إلى صحن الجامع قابلهما مشايخ الطرق ورجالها بالأعلام والرايات ، وما يتبع ذلك من أدوات الذكر ، ولما قربا من حضرة سيدنا يحيي الحصور اصطف العلماء عن يمينهما وشمالهما ، وقرئ ما تيسر من القرآن ، وتلا فضيلة مفتي دمشق دعاء ، سأل فيه الله تعالى أن يحفظ هذين القائدين العظيمين بظل حضرة مولانا الخليفة الأعظم.
وبعد ذلك دخل القواد إلى الضريح وتبركوا بزيارة المصحف العثماني ، وبعد خروجهم قدم فضيلة مفتي دمشق لدولة أنور باشا كتاب مثال النعل النبوي الشريف تذكارا لزيارته دمشق ، وقدم أنور باشا مصحفين كريمين أحدهما لضريح سيدنا يحي والثاني لضريح السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب ، فألقى إذ ذاك الأستاذ الشيخ أسعد الشقيري كلمات أوضح بها ما تنطوي عليه تلك الهدية من معنى حث رجال العلم والإدارة على التمسك بأهداب القرآن الكريم والعمل بمعانيه الشريفة.
وبعد ذلك زار القائدان البطلان رأس سيدنا الحسين وضريح ساكن الجنان السلطان صلاح الدين بن أيوب وشهداء الطيران فتحي بك وصادق بك ونوري بك ، وقد استمطرا لهم أكف الرحمة ، وتليت فاتحة الكتاب على أرواحهم الشريفة التي فارقت أصحابها في سبيل الواجب الوطني ، ومن هنا سارا توّا لزيارة قبر الشيخ الأكبر ، فاستقبلهما العلماء ، وتليت الأدعية المستطابة بحفظهما وحفظ جلالة الخليفة الأعظم.