يرفعها هو عبارة عن إيفاء وظيفتنا عارفين بها أو انحرافنا عن طريق الوظيفة والعدول عنها بعدم اجتهادنا ، ولا يتم النجاح في الوظيفة إلا بفكرة المثابرة على الخطة التي هي أساس دستور الجد المتين.
إذا قايسنا بين اليوم وأمس نرى ونعلم أن الجيش الذي يحارب اليوم في جبهات الحرب المختلفة يرى متبعا للواجب في جميع حركاته ، وهو في كل عمل يسير بفكرة المثابرة المطلوبة في كل محل وفي كل شعبة.
وإن الجيش الذي حارب أمس في جناق قلعة بالقلوب المملوءة بالإيمان بالظفر والمتحصنة بدروع العزم والمتانة يحارب بأسنانه وأظافره اليوم في أرضروم وجبال القفقاس في وسط الجليد الملون بالدم ، متسلقا الذرى الحادة الشاهقة ، وهو الذي اجتاز ترعة السويس ، ممتطيا جسور القوارب بعد أن قطع صحراء التيه ، تلك التي هي بحار ما لها عدد قائم بنفسه ، وهو الذي أظهر في هضاب الإسماعيلية بحرابه القاطعة الشهامة لبسالة العثمانية ، فهذا الجيش هو نفس الجيش العثماني الذي قام بحرب البلقان في سنة (١٣٢٨ ه).
إن انتصارات ونجاح جيش سنة (١٣٢٨ ه) في سنتي (١٣٣٠ و ١٣٣١ ه) لم تنشأ سوى عن قبوله مسلكا جنديّا صرفا ، لا تشوبه شائبة غير ذلك من الأشياء ، ووضعه في محله كل مسمار من مسامير بناء حركاته بدافع فكرة المثابرة ، وتثبيته بواسطتها ، وبفضل ذلك أضحت الأمة اليوم ليس وحدها فقط بل أمام الأمم في العالم صديقاتها وعدواتها تظهر نفسها كرجل بن رجل ، منتصب الرأس طاهر القلب ، حر الفكر ، ناصع الجبين ، وكل هذا هو نتيجة عمل أرباب الفكر والمتانة الذين يفكرون على صور متعددة ، ويعملون عملا واحدا ، ونحن نعلن سرورنا وتفاخرنا مع إظهار عواطف شكرنا بالمواجهة