من الباب حتى وصل إلى أمام ضريح سيدنا زكريا على نبينا وعليه أشرف السلام ، فقرأ العلماء بصوت جهوري سورة الإخلاص ثلاث مرات ، ودعا مفتي حلب محمد أفندي العبيسي دعاء لائقا بالمقام ، ثم دخل القائد المرقد ، وزار مصحفا كبيرا فيه بالخط الكوفي يظن أنه كتب على عهد خلافة سيدنا عثمان بن عفان رضياللهعنه.
وعلى أثر خروجه من الحجرة قدم له مفتي حلب كتاب البخاري على ورق حرير بخط جيد ، كتب منذ ثلاثمائة وخمسين سنة ؛ ليكون تاريخا لزيارته مدينة حلب بعد أن تلا المفتي خطابا بديعا في تأثير زيارة هذا القائد العظيم.
وبعد ذلك ، زار المعاهد والثكنة والمعسكر والمستشفيات والأماكن العسكرية ، ورجع في الليل لحضور الوليمة التي أقامها في نزل البارون شوقي باشا قائد فيلق حلب ، وفي الصباح ركب دولة القائدين العظيمين أنور باشا وجمال باشا في السيارات إلى بيلان «بغراس» ؛ حيث كان في استقبال دولته عطوفة فخر الدين باشا وكيل قائد الجيش الرابع ، فتناول الطعام فيها على مائدة أقامتها الفرقة العسكرية ، ثم نزل الأسكندرونة ، وفتش الحصون العظيمة التي أحدثت في تلك الأنحاء وصرفت عليها الأموال الطائلة ، فأدبت بلدية أسكندرونة ضيافة شاي ؛ إكراما للقائد في مكان مشرف على البحر غاية في الرواء وجمال المنظر ، ثم رجع القائد الكريم ورفيقه أحمد جمال باشا وسائر من في ركابهما إلى بيلان ؛ حيث باتا هناك تلك الليلة بعد أن حضرا الاستعراض العسكري الذي أجرته الكتائب المرابطة في جوار الأسكندرونة.
وبعد تناول طعام الغداء في بيلان ركب الناظران ومن معهما في السيارات إلى حلب ، فتناولا طعام المساء على مائدة أدبتها جمعية الاتحاد والترقي في حلب