وبينا كانت الأمة على هذه الحال لم يعتر الرجلين المشار إليهما فتور ، وقد رسما على خريطة مستقبل الأمة ، متوكلين على الله ، متوسلين بروحانية رسول الله طرق السعادة والسلامة ، وللوصول إلى هذه الغاية قد اتبعا السياسة الإلهية بقوله تعالى : (لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ* إِنَّما يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) واكتشفا بها أصدقاء الملة الإسلامية والدولة العثمانية ، فعقدا معهم اتفاقا مؤسسا على المنافع المتقابلة المشتركة ، وبذلك قد أنقذا الأمة والوطن من حضيض الذل والهوان ، وأعلياهما إلى أوج الرقي والعز.
فلسان التاريخ الذي يبجل أولئك العظماء لا شك أنه يعجز عن تبجيل هذين الوزيرين الخطيرين ؛ لأنهما أثبتا بأعمالهما المادية أنهما أكبر وأعظم من أولئك ، فإن الأمة التي أدركت جهادكما السامي والهدف المقدس الذي ترميان إليه قد اطمأنت بالظفر والنصر بأن يكونا حليفيكما ، والذل والهوان نصيب أعداء الدولة والدين ، فأداء للشكر ترى من الواجب عليها أن تكون منقادة لأول إشارة تصدر من فمكما بصفة نفر عسكري في الجيش. وهأنذا بصفتي رئيس البلدية ، وباعتباري عسكري قديم أترجم عواطف مواطني الكرام ، وأعرب عن ضميري ، والله أسأل أن يجعل التوفيق رفيقكما.