الله تعالى كما في القرآن (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ).
وتكلم بعد هذا في اختلاف البشر وبين مراتبه ، فقال : إن الناس من حيث العموم في هلاك ما داموا في الجهل المطبق ، كما جاء في الحديث النبوي الشريف : «الناس هلكى». ومن أخذ حظه من علم مخصوص ، فقد دخل في الاستثناء الوارد في الحديث بقوله : «إلا العالمون» والعالم لا ينجو من الهلاك إلا إذا عمل بما علمه ، فماذا يفيد الزارع والصانع والمدرس والفقيه علمه مع قعوده عن العمل؟ ومن عمل بما علم فقد دخل في الاستثناء الوارد في الحديث بقوله : «إلا العاملون» فإن من عمل لرياء وسمعة ، وحرص على مدح في جريدة ، أو لبس ذهب وقصب ، أو نيل رتبة أو حمل وسام ، فقد باع العمل بلذة مؤقتة لا تصحبه حال الموت ولا بعده.
ومع ذلك فقد صرح سيد الأنام بأن المخلص في عمله أيضا على خطر عظيم ؛ لما يطرأ على النفوس في بعض الأحيان من الزهو والغرور. وذكر بعد ذلك أن أنور باشا فارق المناظر الزاهرة في دار الخلافة ، وذهب إلى طرابلس الغرب ، توسد فيها التراب ولبس أخشن الثياب ، وقد فعل ذلك بدافع الإخلاص لدينه ووطنه ، وكان أكثر المدعين للإخلاص نائمين على فرش الهناء ، لا يعلمون من طرابلس إلا اسمها ، ولم يشاهدوا في الخريطة إلا رسمها.
إلى أن ختم خطابه بقوله : إن جميع المسلمين فرحون لتشريف وكيل القائد الأعظم لزيارة أراضيهم المقدسة ، وقد اقتفى ـ حفظه الله ـ أثر سلفه الصالح سلطان المجاهدين مولانا صلاح الدين الأيوبي ، وقد ابتهل الجميع إلى الله تعالى