المشروعة ، ولم يكن ذلك منهم عن خوف وخشية أو تأثير ، وإنما كان ذلك عن قناعة بأمور موافقة لمعتقداتهم ، وقد ترك الجيش الإسلامي بعد الانقلاب الحرية المطلقة للحكومة الملكية والأهالي ، فتعددت الأحزاب وكثرة الأندية ، وتصادمت الأفكار ، وزاد الاختلاف والاضطراب إلى أن وفق الله أسود الجيش الإسلامي ورجال الدولة العظام لتلافي الأمر ، ولإزالة ذلك الاختلاف والاضطراب.
وبعد أن بحث فيما تولد في بلاد الأرناءوط من الجدال والقيل والقال تكلم فيما كان في سورية والأراضي المقدسة من المناقشة والمجادلة واجتهاد الوزارة التي سقطت في إزالة سوء التفاهم والإصلاح وسوء الإدارة ، ولم يكن لها التوفيق رفيقا لا في تشخيص المرض والعلة ، ولا في الأدوية والمعالجات إلى أن قيض الله لهذه البلاد دولة أحمد جمال باشا ، فعين قائدا عامّا للجيش السلطاني الرابع ، فنقل مسألة فلسطين وسورية من طور إلى طور ، ومن حال إلى حال ، وكشف مرضهما المزمن الذي كان مستعصيا ، ونوع له المعالجة في صور مختلفة ، وعقاقير منوعة ؛ حتى زال المرض بحول الله وقوته ، وقال : إنه يعتقد أن أكثر رجال هذا الحزب السياسي لا يقدرون على مسلكه ومتانته وحكمته التي سلك بها هذا المسلك العجيب.
ثم تكلم في نفرة دولة أنور باشا من مدح الشعراء وثناء الجرائد وأهل الخطب ، وقد قسم الفرح بالمدح والثناء إلى قسمين ؛ أحدهما مذموم إن دخله الغرور والزهو والكبر والفخر ؛ كقوله تعالى (لا تَفْرَحْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) وإن كان الفرح بما أنعم الله به تعالى من الأخلاق العظيمة كحسن الاعتقاد والشجاعة والإقدام والثبات والعزم في الأمور ، فالفرح مطلوب ؛ تحدثا بنعمة