قبل أن يتولى «أحمد جمال بك» ولاية بغداد كان الأمن فيها مضطربا ، والتآخي مفقودا ، فبوصوله أوجد أمنا وتآخيا عرفه له الخاص والعام.
تآمر بعض الأشرار على انقلاب الحكومة ، وبدءوا بإجراء ما يضمرون ، فأدموا قلب الأمة ، وقتلوا المرحوم محمود شوكت باشا الصدر الأعظم ، حارت الحكومة ولم تدر كيف تقبض على المتهمين والجانين ، فنهض «أحمد جمال بك» ذلك اليوم «اليوم الذي ترتعد له الفرائص» ، ونظم ثلة من الشرطة ، وبحث بنفسه عن الجناة ، وطاردهم ، وقبض عليهم ، وزجهم بالسجن ، وأفهم الناس أن العزم والحزم لا يبرحان جنبيه ، وأن التدبير والتوفيق يرافقانه ، وبما اعتاده من الجد حينئذ وفّق لإعلاء شأن الحكومة في أعين الشعب وأوربا معا ، فقد قالت جرائد أوربا عنه ذلك اليوم : إن أحمد جمال بك هو حياة للعثمانية ؛ لأنه خلصها من الفوضى ، بل من الموت المحقق. زد على ذلك ، خدمته في الحرب البلقانية ، فقد كان أول من دعا لفكرة استرداد أدرنة بالقلم والسيف معا ، وأول من اهتم بهذا الأمر.
ومن مناقبه العديدة التي لا تحصى ؛ إصلاح نظارة النافعة بعدما عرف من عدم ترتيبها وتنسيقها ، وإصلاح البحرية وتنسيقها ، كل ذلك بهمة أحمد جمال باشا ناظر البحرية وقائد الجيش الرابع العام ، فقائد مجيد ذو خلق حميد ورأي سديد وعلم ومعارف وتجارب أثبتت للملأ أنه سيقود جيشنا المظفر ليرويه من ماء النيل ، وليكتب على رايات ذلك الجيش : ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين. وعلى قلوب الشعب النصر حليفنا إن شاء الله ، إن قائدنا اليوم صاحب الدولة «أحمد جمال باشا» الموفق والمظفر بعون الله وعنايته سيخلد له التاريخ أعماله المجيدة بأحرف من نور ، ولا بدع فإن أعاظم الرجال تعرف عند الشدائد ، نسأله