كان وصول أنورنا وجمالنا ورفقائهما عصر الجمعة ، فتناولا طعام العشاء ليلة السبت في مقر الجيش الرابع ، وفي صباحه اجتمع أركان الحكومة والعلماء والوجوه وكل مذكور في دار الحكومة ، وركبوا العربات ، وساروا نحو المقر يقدمهم مدحت بك متصرف اللواء ، حتى وصلوا المقر ، وتشرفوا بالسلام على أنور الأمة وجمالها مصافحة بالترتيب ، وهما يستقبلان الزائرين بالطلاقة والبشاشة.
وقبل الظهر تناولا طعام الغذاء ومن معهما في مقر الفيلق الثامن بدعوة جمال باشا قائده المبجل ، ومن هناك زارا الحرم القدسي ، فبدأ بالصخرة المشرفة ؛ حيث سمعا بعض الآيات الكريمة ، وبعد أن صلى أنور باشا ركعتين تحية المسجد سارا يحف بهما العلماء والأشراف إلى مسجد الأقصى الجامع ، وصلى هناك أيضا ركعتين ، وعندئذ تقدم خطيب الشرق الشيخ أسعد الشقيري ، وأبان لحضرة القائدين العظيمين فضائل الحرم القدسي والأحاديث الواردة في شرفه ، وهناك قدم لدولة القائد العظيم كامل أفندي الحسيني مفتي القدس نسخة من فتاوى الأنقروي ، كتبت منذ مائة وثمانين سنة لتكون تذكارا في خزانة كتب أنور العثمانيين.
وبعد أن زار حضرات قائدينا العظيمين الحرم الشريف ذهبا بموكب حافل إلى الكلية الصلاحية ، فاستبقلهما مديرها ومعلموها وطلبتها ، وبعد أن جلسا في بهوها الكبير قرأ تلميذ بعض الآي الكريمة ، ثم قرأ أحد المعلمين خطابا عربيّا ، ثم استعرض الطلبة استعراضا عسكريّا رياضيّا ، فأبدعوا وأدهشوا ، ثم تلا أحدهم قصيدة تركية العبارة ، وآخر قصيدة باللغة الألمانية الفصيحة ، كأنه من إحدى مدارس برلين لهجة وحركة وإشارة ، وهذا ما زاد الدهشة ، وأطرب