من آثار إقدامهم وبسالتهم ، وما منهم إلا من قبّل يديه ، ومنهم من وقع على رجليه يقبلهما ، ومنهم من صافحه ، فكان ذاك من أبهج الأيام ، وأجمل المناظر ، تجلت فيها المحبة الفطرية التي جبل عليها العرب ، باديهم وحاضرهم للدولة العثمانية ورجالها الأمناء الصادقين.
وظهر كالشمس في رابعة النهار أننا أمة إذا عقدت عزمها على عمل عظيم ، وأخلصت النية في سبيل الواجب تنهض به خير نهوض. ولعمري ، من كان يظن أننا في مثل هذه الحرب الزبون ونحن نجالد ونجادل في أربع ساحات للقتال ، كل واحدة منها مما تعجز عنه دولة عظمى بمجموع قوتها ، نوفق إلى إحداث ما أحدثناه من الطرق المختلفة والمعاهد والأوضاع والمرافق في طريق مصر؟ أما لو جئنا نعدد هنا بالتفصيل ما تم على أيدي رجال الجيش الرابع من مثل هذه الأعمال ، فهذا يحتاج وحده إلى مجلد ضخم ، يجب أن يؤلفه أحد نوابغ أركان حربنا العلماء ، فلهم في هذا البحث نظر حديد ، ورأي سديد رشيد.