وتكلم على أن الجيوش الإسلامية في الصدر الأول انتصروا مرة بالكم ؛ أي : بكثرة العدد ، ومرة بالكيف ، ومرة بالعزم والحزم بلا كم ولا كيف ، وأورد على ذلك آيات ؛ كقوله تعالى : (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ) ، وقوله (فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) ، وكقوله : (أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ) ، وقوله : (وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ) وآيات أخرى أيضا.
ثم ذكر للعلماء أن القائدين أنور وجمال منذ حداثة سنهما درسا ما يلزمهما من علوم الدين في المكاتب الأولية ، ثم دخلا المدارس العالية ، واجتهدا في تحصيل علم الفنون الحربية ، وتعلما علم سوق الجيش وترتيبه وتنظيمه ، وحفر الخنادق ، واتخاذ القلاع والحصون ، والاستعداد لآلات الجهاد الحديثة ؛ كالطيارات ، والمدافع الكبيرة والغواصات ، وتأمين خط الرجعة ، والمستشفيات الثابتة والسيارة ، ومقاتلة الأعداء بمثل قواهم وأشد منها ، وأن هذا العلم فرض من فروض الكفاية ، وأنه يرى بعد الآن داعيا لاجتهاد طلبة العلم الديني في المدارس في تحصيل مبادئ هذا العلم ، وإن العلماء والطلبة إن تطوعوا مع المجاهدين يجب تلقي هذا العلم من القواد والضباط ، وإن إهمال تحصيله ضرر بالجامعة الإسلامية.
فابتهج العلماء بهذا الإلقاء ، وصادقوا على أن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية كلها صريحة في وجوب هذا العلم ومكانته ، وأنهم سيجتهدون مع الطلبة بتحصيله في المدارس الدينية ، وأنهم لم يسمعوا قبل ذلك من خاض في هذا المبحث.