دخل عبد الملك بن مروان على معاوية وعنده عمرو بن العاص ، فسلّم وجلس ، فلم يلبث أن نهض ، فقال له معاوية : ما أكمل مروءة هذا الفتى ، فقال عمرو : إنّه أخذ بأخلاق أربعة ، وترك أخلاقا ثلاثة ، أخذ بأحسن البشر إذا لقي ، وبأحسن الحديث إذا حدّث ، وبأحسن الاستماع إذا حدّث ، وبأيسر المئونة إذا خولف ، وترك مزاح من لا يثق بعقله ، وترك الكلام (١) فيما يعتذر منه ، وترك مخالفة لئام الناس.
قرأت بخط عبد العزيز بن محمّد بن عبدويه الشيرازي ، حدثني أبو بكر محمّد بن سليمان بن يوسف الرّبعي ، أنا أبو الحسن أحمد بن عمير بن يوسف ، نا علي بن إسحاق بن إبراهيم ، قال : سمعت أبا صفوة الغسّاني يقول : سمعت أحمد بن شبيب الغساني يقول :
سمعت أبي شبيب بن عبدة يقول : قال عبدة بن رياح الغساني (٢) :
قالت أم الدّرداء لعبد الملك بن مروان : يا أمير المؤمنين ما زلت أتخيل هذا الأمر فيك مذ رأيتك ، قال : وكيف ذاك؟ قالت : ما رأيت أحسن منك محدّثا ، ولا أعلم (٣) منك مستمعا.
قال ابن جوصا : أبو صفوة المفضل بن سماك الغساني.
أخبرنا أبو منصور بن زريق أنا ـ وأبو الحسن بن سعيد ، نا ـ أبو بكر الخطيب (٤).
ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري.
قالا : أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر بن درستويه ، نا يعقوب (٥) ، نا إبراهيم بن المنذر ، حدثني عبد العزيز بن عامر ـ شيخ (٦) من أهل تيماء كان يجالس سعيد بن المسيّب ـ قال : مرّ به يوما ابن رمل (٧) العذري ـ ونحن معه ـ فحصبه سعيد ، فجاءه ، فقال له سعيد : بلغني أنك مدحت هذا ـ وأشار نحو الشام ، يعني عبد الملك ـ قال : نعم يا أبا محمّد ، قد مدحته ، أفتحبّ أن تسمع القصيدة؟ قال : نعم ، اجلس ، قال : فأنشده حتى بلغ :
فما عابتك (٨) في خلق قريش |
|
بيثرب حين أنت بها غلام |
__________________
(١) من هنا سقط في م أكثر من صفحة ، سنشير إلى نهايته في موضعه.
(٢) الخبر من طريقه في تاريخ الإسلام (٨١ ـ ١٠٠) ص ١٣٩.
(٣) كذا بالأصل والمثبت ، وفي تاريخ الإسلام : «أحلم» وهو أشبه.
(٤) تاريخ بغداد ١ / ٣٩٠.
(٥) المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي ١ / ٣٥٤.
(٦) في تاريخ بغداد والمعرفة والتاريخ : شيخ من عاملة من أهل تيماء.
(٧) كذا بالأصل ، وفي تاريخ بغداد : «ذمل» وفي المعرفة والتاريخ : زمل. وهو الصواب ، انظر جمهرة ابن حزم ص ٤٤٠ وتبصير المنتبه ٣ / ٩٩٩.
(٨) في المعرفة والتاريخ : عاتبك.