قلوب الواصلين ، فقلت : رحمك الله ، إنّي رجل مهموم ، قال : بما ذا؟ قلت : بثلاث ، قال : وما هن؟ قلت : أخبرني ما دليل الخوف؟ قال : الحزن ، قلت : فما دليل الشوق؟ قال : الطلب ، قلت : فما دليل الرجاء؟ قال : العمل ، قلت : من أين جاء ضعفنا؟ قال : لأنكم وثقتم بحلم الله عنكم ، ولو عاجلكم لهربتم من معصيته إلى طاعته ، ولكنّ حلمه وستره حملكم على معصيته ، ثم أنشأ يقول :
إن كنت تفهم ما تقول وتعقل |
|
فارحل بنفسك قبل أن بك يرحل |
ودع التّشاغل بالذّنوب وخلّها |
|
حتى متى وإلى متى تتعلل؟ |
أنسيت جانب عفوه فعصيته |
|
إذ لم تخف فوتا عليك فتعجل |
الموت ضيف (١) لا محالة نازل |
|
فاحتل لضيفك قبل أن بك ينزل |
٤٣٠٤ ـ عبد الواحد بن أحمد الغساني
أبو محمّد الطبيب
طبيب تاج الدولة (٢) وجدت له رسالة تشتمل على نظم ونثر ، قالها على لسان أبي نصر هبة الله بن عتّاب في دواة له كسرت فيها هذه الأبيات :
جلّ المصاب وقلّ فيه مساعدي |
|
ورميت من دون الورى يا وابد |
جار الزمان عليّ في أحكامه |
|
حتى بليت بجور عبد الواحد |
كسر الدواة مؤدبا لغلامه |
|
بأقبح فعل من حكيم ماجد |
ويقول لي : صبرا إذا ما عزني |
|
صبري وينصحني نصيحة والد |
اقرع إلى دخر (٣) الشئون وغربها |
|
فالدمع يذهب بعض جهد الجاهد |
وذكر ابنه أبو عبد الله محمّد بن عبد الواحد بن أحمد الغساني ـ وقد رأيته ـ قال : سمعت أبي ينشد لنفسه بديها في صفة نهر ثورا (٤) بحضرة أبي عبد الله بن الخياط الشاعر :
دمشق دار رعاها الله من بلد |
|
ونهر ثورا سقاه الله من واد |
__________________
(١) الأصل : ضيق ، والمثبت «ضيف» عن م وهو أشبه.
(٢) هو تتش بن ألب التركي ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٩ / ٨٣.
(٣) كذا رسمها بالأصل ، وفي م : «دحن».
(٤) ثورا : بالفتح والقصر ، اسم نهر عظيم بدمشق (معجم البلدان).