وكتب عبد الملك إلى الحجّاج في أيام ابن الأشعث : إنك أعز ما تكون بالله ، أحوج ما تكون إليه (١) ، وإذا عززت بالله فاعف له ، فإنك به تعزّ وإليه ترجع.
أخبرنا أبو القاسم الشحامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو عبد الله الصنعاني ، نا إسحاق بن إبراهيم ، أنا عبد الرّزّاق ، أنا معمر ، عن الزهري.
أن يهوديا جاء إلى عبد الملك بن مروان ، فقال له ابن هرمز : ظلمني ، فلم يلتفت إليه ، ثم الثانية ، ثم الثالثة ، فلم يلتفت إليه ، فقال له اليهودي : إنّا نجد في كتاب الله في التوراة أن الإمام لا يشرك في ظلم ولا جور حتى يرفع إليه ، فإذا رفع إليه فلم يغير شرك في الجور والظلم ، قال : ففزع لها عبد الملك ، وأرسل إلى ابن هرمز ، فنزعه.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا أبو الحسن رشأ بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، نا أحمد بن زكريا المخزومي ، نا عبد الرحمن بن أخي الأصمعي ، عن الأصمعي قال :
أخذ عبد الملك بن مروان رجلا وأراد قتله ، فقال : يا أمير المؤمنين إنّك أعز ما تكون ، أحوج ما تكون إلى الله ، فاعف له ، فإنك به تعان ، وإليه تعاد ، فخلّا سبيله (٢).
قال : ونا ابن مروان ، نا محمّد بن الفرج ، نا عبد الله بن بكر السّهمي ، عن أبيه ، قال :
سأل رجل عبد الملك بن مروان الخلوة ، فقال لأصحابه : إذا شئتم فلما تهيأ الرجل للكلام قال له : إياك أن تمدحني فإنّي أعلم بنفسي منك ، أو تكذبني فإنّه لا رأي لمكذوب ، أو تسعى إليّ بأحد ، وإن شئت أقلتك ، قال : أقلني ، فأقاله (٣).
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، نا الحسن بن محمّد بن إسحاق ، نا محمّد بن زكريا ، نا عبيد الله بن عائشة ، عن أبيه ، قال :
كان عبد الملك بن مروان إذا دخل عليه رجل من أفق من الآفاق قال : اعفني من أربع ، وقل بعدها ما شئت : لا تكذبني ، فإن المكذوب لا رأي له ، ولا تجبني فيما لم أسألك عنه ، فإنّ في الذي أسأل عنه شغلا عمّا سواه ، ولا تطرني ، فإنّي أعلم بنفسي منك ، ولا تحملني على
__________________
(١) بعدها في البداية والنهاية : وأذل ما تكون للمخلوق أحوج ما تكون إليهم.
(٢) مرّ الخبر قريبا عن الأصمعي من طريق آخر.
(٣) الخبر في البداية والنهاية ٩ / ٧٩ ببعض اختلاف.