الفلسفة إلى المسلمين ، وكيف أساغوا ما أساغوا منها ، ورفضوا منها ما رفضوا ، وسيسمع عن تطور القراءات القرآنية وعلاقتها باللغة العربية وبلهجات العرب ، وسيدهش أبناء الأزهر إذ يرون أن كل هذه العلوم مبوبة مفصلة ، سهلة لا تستعصى على قارىء ولا تحتجب وراء أساليب تقرأ لتفهم هي لا مدلولاتها.
وقد رأى الأزهر مسايرة النهضة العلمية الحديثة في البلاد فأرسل البعوث من علمائه الأكفاء إلى البلاد الأوربية للتخصص في الفلسفة والتربية وعلم النفس والتاريخ وما إلى ذلك من علوم الحياة ليمكن الانتفاع بهم بعد عودتهم في كلياته الجامعية بدل الاساتذة المندوبين إليها من المعاهد الأخرى.
بقى أن نتحدث عن الاربعة الأزهريين الذين وصلوا باريس عام ١٩٣٦ والذين أحدثوا ضجة في أنحاء الحي اللاتيني فالمصريون كانوا يتوافدون على فندقهم جماعات يحيون في أشخاصهم عهدا جديدا ، ويمجدون في طلعتهم بلادهم الشرقية التي لم تمنعها شرقيتها أن تتطلع إلى الغرب في المفيد النافع من أساليبه مع احتفاظها بطابعها الشرقي ، ومدير البعثة كان يشغل بدراستهم وبترتيب مسكنهم ومأكلهم وكل ما يمس حياتهم في هذه البلاد ، وما ذلك بالشيء اليسير لعلماء الأزهر المعروفين بالتمسك بمبادئهم. أما الأستاذ ماسنيون فقد عنى بهم عناية خاصة فقدمهم إلى إخوانه من العلماء الفرنسيين الذين يعملون معهم ، وكان جميلا منه بعد أن عرف أن من بينهم واحدا بزوجه وأطفاله الثلاثة أن يعمل على إسكانه بالقرب من حديقة «لكسمبرج» لتكون متعة ومراحا لهؤلاء الأطفال. ولعل من الطريف أن نعرف أن الدكتور تاج أحد أعضاء هذه البعثة ، وخريج السوربون قد صار شيخا للأزهر. وقد كان من أعضاء بعثة عام ١٩٣٦ هذه في مشيخة الشيخ المراغي .. وقد أرسلت طائفة أخرى في عهد الشيخ مأمون الشناوي عام ١٩٤٩ ، وآخر مبعوث للأزهر هو الشيخ محمد فتحي عبد المنعم وقد سافر إلى فرنسا في شهر يوليو عام ١٩٥٢.