ومن الذين أوفدوا من الأزهريين إلى أوربا المرحوم الشيخ عبد العزيز المراغي ، والشيخ محمد عبد الله دراز ، والشيخ محمد الفحام ، والدكتور ماضي ، والدكتور البهي ، والدكتور عبد الحليم محمود ، والاستاذ علي حسن عبد القادر وسواهم.
وكتب الدكتور طه عام ١٩٣٥ يبدي رأيه في بعثات الأزهر العلمية إلى أوربا ، فقال :
«إذا أراد الأزهر أن يرسل بعوثا إلى أوربا فليرسل بعوثه أول الأمر إلى الجامعة المصرية ليتثقفوا فيها بالثقافة الحديثة ثم ليختر من بين البعوث من تظهر كفايته ، وينبه شأنه ، وتنهض الحجة على حسن استعداده. وإذا كان عند الأزهر اثنان أو ثلاثة أو أربعة قد امتازوا بكفاية نادرة واستعداد باهر فلا بأس بإرسالهم منذ الآن على أن ترسم لهم برامج ومناهج تلائم حاجات الأزهر الماسة وضروراته الملحة.
الواجب كل الواجب أن تتوازن الثقافات الاوربية حتى تستطيع الثقافة العربية الاسلامية أن تسيغها جميعا وأن تحتفظ بشخصيتها. إنا نضن بالأزهر كل الضن أن يلقي بنفسه في أحضان الثقافة اللاتينية أو السكسونية ونلح أشد الالحاح في أن يظل عربيا وعربيا خالصا يأخذ من الثقافات الاوربية المختلفة بمقادير متناسبة ، لا يطغى بعضها على بعض. فاذا لم يكن للأزهر بد من أن يتعجل إرسال البعوث إلى أوربا غير حافل بما يقدم إليه من نصح بالمهل والاناة ، فليعد للنظر في توزيع بعوثه على الاقطار الاوربية وليحذر كله أن يلتهم بلد من البلاد الاوربية بعوثه كلها ، أو أكثرها. ولينظر إلى الجامعة فقد يحسن الاقتداء بالجامعة في بعض الأشياء ، إنها لا ترسل بعوثها إلى بلد بعينه ، وإنما ترسلهم إلى البلاد الراقية في أوروبا ، فمنهم من يذهب إلى انجلترا ومنهم من يذهب إلى فرنسا ومنهم من يذهب إلى ألمانيا ، ومنهم من يذهب إلى إيطاليا. والأصل في هذا التوزيع ما قدمته من أن الجامعة حريصة كل الحرص على أن تأخذ بأطراف مختلفة من الثقافات