أوصى به دائما ، والثاني تخريج القضاة الشرعيين (١) .. ويوشك أن يكون كل تغيير في الأزهر توجهه الحكومات قائما على مثل هذا الأساس. أما الشيخ محمد عبده فقد أراد بنهضة الأزهر غاية هي الجديرة بأن تسمى إصلاحا.
كان الشيخ محمد عبده يرى أن إصلاح الأمة لا يكون إلا بإصلاح عقولها وقلوبها بالعلم الصحيح والدين الصحيح والسبيل إلى ذلك إحداث نهضة دينية وعلمية معا ، والأزهر هو أخصب مكان لهذه النهضة فإن الحياة إذا انبعثت فيه سرت مسرعة في جسم الأمة وفي الشرق الإسلامي كله ، وقد اتصل الشيخ محمد عبده بالخديوي عباس الثاني وأوحى إليه أن ينهض لإصلاح الأزهر نهضة قوية تحيي الشرق الإسلامي لأن الأزهر قبلة المسلمين في أقطار الشرق المختلفة وأقنعه بأن ذلك يرفع شأن مصر في الشرق كله ويجمعه حول الشعب المصري ويخلد له في المصلحين ذكرا.
واستمع عباس لنصح الناصح فتوجه بكل عزمه لإصلاح الأزهر على مبادىء الشيخ محمد عبده ، وفي ٧ رجب سنة ١٣١٢ ه ـ ١٨٩٥ م صدر أمر عال بتشكيل مجلس إدارة للأزهر من أعضائه اثنان من موظفي الحكومة هما الشيخ محمد عبده والشيخ عبد الكريم سلمان.
وأخذ مجلس الإدارة في وضع ما لا بد منه من نظم تقر العدل وتمحو ما كان سائدا من الفوضى ، وتبعث على الجد في تحصيل العلم النافع وترشد الى أساليب الدرس القويمة. كل ذلك في غير مساس بحرية التعليم ، وبلا إسراف في العناية بالأشكال والصور. ويقول الشيخ عبد الكريم سلمان في كتاب أعمال مجلس إدارة الأزهر عند الكلام على مشروع نظام التدريس والامتحان الذي وضعه المجلس : «وفي كل باب من هذه أحكام فسيحة تتوجه كلها إلى مقصد واحد هو تحصيل جواهر العلوم الدينية في زمن
__________________
(١) من كتاب تاريخ الإمام محمد عبده للشيخ رشيد رضا ، حديث طويل عن المحاكم الشرعية (٦٠٨ ـ ٦٢٩ / ١ تاريخ الإمام) ، وللامام رأي في الحاجة الى المحاكم الشرعية (٦٠٨ ـ ٦١١ / ١) ، وكذلك لرشيد رضا رأيه في ذلك ٦١١ ـ ٦١٧ / ١.