وعاصر السيوطي ثلاثة عشر من سلاطين المماليك الجراكسة ، كما عاصر السيوطي كذلك أئمة كبارا من العلماء وبحسبك ابن حجر (٨٥٣ ه / ١٤٤٩ م) ، ولقد طلب والد السيوطي منه أن يدعو لابنه بالبركة والتوفيق ، وكان السيوطي يرى في هذا العالم المصري العظيم مصدر اشعاع روحي له ، وكذلك الإمام العيني (٨٥٥ / ١٤٥١ م) والقسطلاني (٩٢٣ ه / ١٥١٧ م) والسخاوي (٩٠٢ ه / ١٤٩٧ م) والمقريزي وابن إياس وغيرهم من أعلام عصره.
ولقد صار السيوطي واحدا من بينهم وعلما من كبار علمائهم ، واحتل مركز الصدارة في القاهرة في عصره ، وصار في مقدمة الذين أثروا الثقافة الإسلامية العربية ورفعوا من شأنها وأحلوها مكانا عاليا ومنزلة شاهقة تبوأتها من ذلك الحين حتى يومنا هذا ، فهو أحد الذين قادوا مواكب الثقافة الإسلامية في عصره بشخصيته الإسلامية الجليلة وبموسوعيته العلمية التي ليس لها نظير في تاريخ العقل العربي في عصر نهايات دولة المماليك.
ولد جلال الدين عبد الرحمن السيوطي في القاهرة أول رجب عام ٨٤٩ ه الثالث من أكتوبر عام ١٤٤٥ م في منزل والده بالروضة. وهو من أسرة بغدادية الأصل استقر بها المقام في أسيوط قبل ميلاد السيوطي بعدة قرون ، وذلك منذ عصر الدولة الأيوبية واشتهر منها العلماء والعديد من الرجال ، وكان والده كمال الدين أبو بكر السيوطي (المولود بعد عام ٨٠٠ ه والمتوفى في صفر عام ٨٥٥ ه) من أجلة العلماء وقد نزح من أسيوط إلى القاهرة قبل ميلاد ابنه بأربعة وعشرين عاما وانقطع لطلب العلم في الأزهر وغيره ثم للتعليم والافادة وتدريس الفقه في الجامع الشيخوني وللخطابة في الجامع الطولوني ، وكان بيته بجزيرة الروضة مقصد الطلاب والعلماء ، وكان الخليفة المستكفي بالله يجله ويعظمه ، ولعل عطف الخلفاء العباسيين عليه مما يؤيد أصله البغدادي.
وتوفى والد جلال الدين وهو طفل صغير في السادسة من عمره فكفل