٨ ـ تقي الدين الشمني (٨٠١ ـ ٨٧١ ه) : وهو أستاذه في التفسير والحديث وفي العربية وقد لازمه أربع سنين ولما مات الشمنى رثاه السيوطي بقصيدة طويلة من شعره.
وغير هؤلاء ، وهم كثير وذكر السيوطي أن شيوخه الذين أخذ عنهم نحو المائة والخمسين. وقد ترجم لهم في معجم خاص ـ وواصل السيوطي مسيرته العلمية حتى تفقه في علوم عصره وألف أول كتبه وهو في الخامسة عشرة وهو تفسير للاستعاذة والبسملة وذلك عام ٨٦٤ ه وهو دليل على طموح علمي كبير وهذا النهم العلمي الذي لا يقف عند غاية هو أحد معالم شخصية عالمنا الكبير حتى لقد أجيز بتدريس العربية وهو في الخامسة عشرة ، وروى عنه علماء عصره الحديث وهو في الثانية والعشرين من عمره وذلك عام ٨٧١ ه وأجيز بتدريس الفقه وبالفتيا وهو في السابعة والعشرين من سنى حياته المباركة وكان أول درس ألقاه في الأزهر الشريف في تفسير سورة الفاتحة.
لقد أحب السيوطي الكتاب منذ صغره ، وكان يرى في الإمامين البلقيني وابن حجر مثله الأعلى فدعا الله وهو يشرب من ماء زمزم أن يجعله في الفقه مثل البلقيني وفي الحديث مثل ابن حجر ، وكان والده قد ترك له مكتبة كبيرة زاخرة بالمخطوطات ، فكان يطالع فيها فوق تردده على مكتبة المدرسة المحمودية الحافلة بمختلف المؤلفات في شتى الفنون والعلوم ، وكانت من أنفس خزائن الكتب بالقاهرة وبها نحو أربعة آلاف مجلد ، وقد قام ابن حجر بفهرستها ثم تلاه السيوطي فكتب فهارس لها جمعها في كتاب سماه «بذل المجهود في خزانة محمود» وأخذ السيوطي يبحث عن خزائن الكتب المختلفة ويطالع فيها ، ثم أخذ يطوف في أنحاء مصر يلقى العلماء ويحادثهم ويأخذ عنهم ويأخذون عنه ، وبعد أن كان يتولى تدريس الفقه بالجامع الشيخوني خلفا لوالده صار يتولى منصب المشيخة في المدرسة الشيخونية وهو المنصب الذي كان يشغله أبوه من قبل ، كما شغله أيضا أستاذه الكحال بن الهمام (٨٦١ ه) وتصدى للافتاء