وكان السيوطي كثيرا ما ينوه في كتبه. بنفسه وبمؤلفاته وبآرائه فيها حتى لنقرأ في آخر حاشيته على المغنى : فقد أودعتها من الفوائد والفرائد والغرائب والزوائد ما لو رامه غيري لم يكن له إلى ذلك سبيل.
وفي آخر كتابه «بغية الوعاة» يقول عن الكتاب : الجامع من كل شريدة ووريدة العجب العجاب. وكذلك كان في كل كتبه يقول في أنواع البديع : قررت فيها بضعة عشر نوعا من الأنواع البديعية ثم وقع لي التأمل فيها بعد ذلك ففتح الله بزيادة على ذلك حتى جاوزت الأربعين ، ثم قدحت الفكر إلى أن وصلت بحمد الله مائة وعشرين نوعا. وقد استخرج السيوطي هذه الأنواع كلها من الآية الشريفة (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) إلى آخر هذه الآية الكريمة .. ومن الأنواع التي ابتكرها ما سماه بالتأسيس والتفريع وما سماه بالانسجام أو بالمنتخل أو بحسن الطلب إلى غير ذلك ..
وقد دفعت المنافسة إلى إعلان الخصومة بينه وبين السخاوي الذي اتهمه بعدم الأمانة العلمية فيما يكتب ، فكتب السيوطي في الرد عليه كتابه المشهور «الكاوي في تاريخ السخاوي» كما عرض باقي كتب له .. والسيوطي بخاصة من أكثر العلماء التزاما بالأمانة العلمية حتى لنراه يذكر في مقدمات كتبه دائما المصادر التي رجع إليها وأخذ منها في حرص تام على الأمانة العلمية في كل ما يكتبه ..
يذكر في كتابه المزهر (١٤) بابا جعل عنوانه «عزو العلم إلى قائله» ويقول فيه : لا تراني أذكر في شيء من تصانيفي حرفا الا معزوا لقائله ..
ومما يذكره السيوطي في مقدمات كتبه من المصادر نجده قد أطلع على كثير من المخطوطات التي لم يطلع عليها الكثير من علماء عصره .. وبحق
__________________
١٢ ، ١٣ بغية الوعاة للسيوطي ٤٦٠ ، ١٥٥.
١٢ ، ١٣ بغية الوعاة للسيوطي ٤٦٠ ، ١٥٥.
(١٤) ٢ / ٣١٩ ـ المزهر للسيوطي : تحقيق جاد المولى وآخرين.