جعلت منه أعظم رواد الثقافة الإسلامية في القرن التاسع الهجري ، وهي شخصية العالم العامل من أجل وطنه وعروبته ودينه ، شخصية المعتز بنفسه وكرامته ..
شخصية المجتهد ما شاء له الاجتهاد .. المخلص للعلم اخلاصا شديدا .. الصادق كل الصدق .. الكاره للنفاق والزلفى والرياء والملق للحكام .. المتعفف الزاهد في المال لا يقبل شيئا منه وان أتاه من حاكم أو أمير أو غنى .. شخصية العالم المفكر والفقيه الأصيل والأديب البليغ صاحب الأسلوب البارع الجميل والمضامين الإنسانية الرفيعة مما نجده في رسائله وشعره وفي مقدمات كتبه وفي مقاماته وعلى الأخص مقامته اللؤلؤية التي ذكر فيها أسباب تركه للتدريس ..
وهكذا تصدر السيوطي مواكب العلماء في عصره حتى كان ظاهرة فكرية فريدة في تاريخنا العلمي والثقافي الطويل.
كتبه المطبوعة والمخطوطة في كل مكتبات العالم وفي مكتبة الأزهر الكثير من مؤلفاته المخطوطة ، وفي مكتبة جامعة الرياض أكثر من سبعين مخطوطة له ، وقد صدر بها فهرست خاص .. الدراسات عنه تنمو على مدى الأيام وكتبت عنه رسائل جامعية كثيرة ..
فليس بعجيب أن يصبح السيوطي في عصره ، وبعد عصره رائدا للثقافة الإسلامية الخالدة ، وأن يكون في عصره كالجاحظ في عصره كلاهما بعد عن حياة الوظائف والمناصب وكلاهما كان ممثلا لشعبه ولعصره ولحياته نفسها ، وكلاهما تصدر زعامة الثقافة الإسلامية العربية في أيامه ..
أضاف السيوطي إلى سجل تراثنا الخالد من الثقافة الإسلامية حتى عصره اضافات كثيرة في كتبه مما جعل العالم الإسلامي كله يتطلع إليه بكل حب وتقدير وإكبار ..
لقد أكسب السيوطي العالم الإسلامي أولا ووطنه مصر ثانيا مجدا كبيرا خالدا على مرور الأيام .. رحمه الله وأجزل مثوبته ..