(انت تسألني : من هذا الرجل الجميل ، في لباس شرقي ، وعمامة بيضاء ، وله لحية سوداء كجناح الغراب ، وعينان تشعان باشعاع غريب ، وعلى وجهه سمة الذكاء ، وقد لفحت الشمس بشرته ، وليست بالطبع شمس بلادنا الشمالية الباردة ، هو ضيف جديد من ضفة النيل ، الشيخ الفاضل محمد عياد الطنطاوي. ان إسمه معروف لدى كل من يدرس اللغة العربية ، وكل السياح الذين انتفعوا بخدماته والمدنين له بنجاح أبحاثهم يذكرونه بالشكر ، ويكنون له المودة ، مذيعين شهرته في أوروبا. فمن هنا نرى ما كسبته كليات اللغات الشرقية المحلية التي دعت الشيخ القاهري ليحتل كرسي اللغة العربية الشاغر. ويمكنك الآن أن تتعلم اللغة العربية بدون ان تغادر بطرسبرج ، وفي الاسبوع الماضي ألقى الشيخ الطنطاوي اول محاضرة له في قاعة الجامعة حضرها ما عدا تلاميذ المدرسة وبعض المستشرقين غير المنتمين إليها).
خلف الطنطاوي في قسم اللغات الشرقية سلفه (ديمانج) الذي توفي عام ١٨٣٩ م ؛ وقضى ما يقرب من سبع سنوات مجاهدا في تدريس اللغة العربية ثم عين بعد ذلك عام ١٨٤٧ أستاذا لكرسي اللغة العربية في جامعة بطرسبرج وعين المستشرق الروسي «نفروتسكي» مساعدا له. وظل أستاذا لهذا الكرسي طيلة أربعة عشر عاما (١٨٤٧ ـ ١٨٦١ م) ، وعلى يديه تتلمذ كثير من المستشرقين الروس والألمان والفنلنديين الذين كان من أشهرهم «فالين».
وفي سبتمبر عام ١٨٥٥ أصيب الشيخ بشلل في رجليه. وظل يغالب المرض والمرض يغالبه سنوات صعابا على نفسه. وأقام في منزله رهين المرض.
كان يشرف على العناية بالشيخ زوجته المصرية «ام حسن» التي ولدت له في ١٩ مايو ١٨٥٠ ولدا سماه «أحمد».
وتوفيت زوجه المصرية عام ١٨٦٠ وابنه في سن العاشرة ، ولما لم