يكن الشيخ بمستطيع القيام على تربية ابنه طلب ادخاله في داخلية احدى المدارس الوسطى ، ودخل أحمد جمناز لاريتا في ١٩ نوفمبر ١٨٦٠ على حساب الدولة ، ولم يلبث الشيخ غير قليل حتى أحيل على التقاعد في ١٩ / ١ / ١٨٦١ ، ثم وافاه الأجل في ٢٤ ربيع الثاني ١٢٧٨ ه : ٢٩ اكتوبر ١٨٦١ م ، ودفن في قرية فولكوفا بجوار بطرسبرج بجوار مقبرة زوجه المصرية الوفية ؛ وكان في هذه القرية مقابر المسلمين. وتسمى المقابر التي دفن في وسطها مقبرة التتر. وعين نفروتسكي خلفا له في كرسي اللغة العربية بالجامعة ، وصرفت الدولة معاش الشيخ الى ابنه أحمد ، واختير نفروتسكي وصيا عليه ، وفي عام ١٨٧١ باع أحمد مجموعة والده الخطية الى مكتبة الجامعة. ثم تزوج أحمد وخلف بنتا ولم يلبث كذلك الا قليلا وتوفي عام ١٨٨١ ، ودفن بجوار أمه ، وألحقت ابنته بدار ايتام الاشراف باسم هيلانة ، وصارت مسيحية منذ ذلك التاريخ او اريد لها ذلك ، اذ كانت طفلة صغيرة آنذاك ، ولا ندري من أخبراها بعد ذلك شيئا.
٤ ـ ترك الشيخ آثارا كبيرة تبلغ الواحد والأربعين مؤلفا ، أحصاها كراتشكوفسكي ، وفي مقدمتها : تاريخ حياته وكتابه المخطوط «تحفة الأذكياء بأخبار بلاد روسيا» ، وورد اسمه في مرجع آخر غير كتاب كراتشكوفسكي هكذا «هدية النجباء في تحقيق اقليم روسيا» (١) ، وقد ألفه الطنطاوي عام ١٨٥٠ م / ١٢٦٦ ه ، وأهداه إلى السلطان عبد المجيد ، وكانت كتابته في دقيقة ، وملاحظاته فاحصة ، وإحساسه وروحه عاليين ولم يكن الكتاب سردا تاريخيا أو جغرافيا ، بل كان وصفا دقيقا حيا بيئيا لرحلته من القاهرة إلى بطرسبرج وزياراته لأقاليم روسيا ، وانفعالاته مع الإقليم والشعب فيها خلال إقامته طيلة العشر سنوات التي قضاها هناك منذ هجرته عام ١٨٤٠ حتى تاريخ تأليف الكتاب (١٨٥٠) ووصف رحلاته في روسيا وفي دول البلطيق وفنلندا من حولها ، ويتضمن الكتاب كذلك دراسة مفصلة لتاريخ روسيا
__________________
(١) ص ١١٥ بين المخطوطات العربية لكراتشكوفسكي طبع ليدن ١٩٥٣.