والرجل الذي قضى حياته في خدمة الاسلام وتراثه إلى أن توفي في ٢٢ أغسطس ١٩٣٥ ـ ٢٣ جمادى الأولى عام ١٣٥٤ ه.
مات فبكته مصر والعروبة والإسلام والشرق ، وأقيمت بجمعية الشبان المسلمين حفلة تأبين له في أبريل ١٩٣٦ ، خطب فيها جمهور من العلماء والأدباء.
وقال فيه العالم العلامة الشيخ علي سرور الزنكلوني في حفلة تأبينه :
كان لصاحب المنار منذ عرفته مصر وجود قوي ، وشخصية بارزة ، امتد صوتها إلى الأقطار العربية والأقطار الشرقية ، بل كان لهذا الصوت أثر في بعض الأمم التي ليست شرقية ولا إسلامية ، لأن الأبحاث التي تعرض لها صاحب المنار وأن اتصلت بالشرق وبالإسلام اتصالا قويا ، فانها متصلة بالغرب أيضا ، لأن عيون الغرب لا تنام عن المسلمين ولا عن الشرقيين.
اشتغل صاحب المنار طوال حياته بقضية الاسلام وقضية العرب ، وبما يتصل بالاسلام من أمر الخلافة ، وما يتصل بالعرب من هجمات الاستعمار ، ولم تحرم مصر من نزعاته السياسية في ظروفها المختلفة ، فكان بهذا كله لمصر ، وللشرق وللاسلام والمسلمين.
وليس في وسعي أن أوفي صاحب المنار حقه في مثل هذا الموقف ، ولكني أردت ان أساهم مع المساهمين ، وفاء لحق الصداقة ، وتقديرا لتلك الشخصية النادرة.
عرفت المغفور له صاحب المنار منذ ابتداء الأستاذ الإمام ـ رضوان الله عليه ـ دروسه في الأزهر ، ولم يكن صاحب المنار في ذلك العهد يدهشنا وجوده العلمي ، لأن طلاب الشيخ جميعا كانوا يغترفون من بحر واحد ، وإن تفاوتت مراتب جهودهم واستعدادهم. ولم يكن لصاحب المنار ميزة في ذلك الوقت سوى أنه كان يكتب ما يلقنه أستاذنا علينا ، وقد كان مثل هذا العمل في نظر الأزهريين عملا عاديا لا أثرا لموهبة خاصة ، ولا لنبوغ ممتاز ، تآخينا