وتآخى معنا السيد رشيد بحكم صلة الدرس العامة ، وبقدرها ، وكان هذا لا يمنع بعضنا من توجيه النفس إلى السيد رشيد ، توجيها خاصا كلما ظهر السيد رشيد بمواهب ممتازة ، قد يطول الحديث عنها ، حتى هوجم الأستاذ الإمام في آرائه الدينية والاصلاحية ، مهاجمة عنيفة ، من كل القوى التي توفرت لها عوامل الكيد والاستبداد ، وإذا بالسيد رشيد يبرز في وجوده القوي لمناصرة الحق ، والوقوف في وجه هذه الجيوش الحاشدة ، فأخذ السيد رشيد يواجه خصوم الشيخ بقلمه ولسانه ، وينشر في مجلة المنار آراء أستاذه واتجاهاته ، وكان يتلقاه من دروس شيخه ، وما كان يعلق عليها بعبارات من عنده تدل على كمال الفهم واستقلال الفكر ، وكذلك كان أمر السيد رشيد في كل ما كان يكتب من مقالات ، وما يدون من أبحاث! لأن أسلوب الأستاذ الإمام خلق ممتاز ، وسيبقى ممتازا. مات الأستاذ الإمام ، وللسيد رشيد في نفوس إخوان الشيخ وابنائه منزلة سامية ، ومع سمو هذه المنزلة لم يخطر ببال أحد أن السيد رشيد سيرث الشيخ فيما كان يدعو إليه ، وأنه سيرتفع صوته في بلاد الإسلام النائية ؛ ولكن أبى الله سبحانه إلا أن يسير السيد رشيد بخطى واسعة الى الامام ، وقدر الله لصوته وهو على منبر منارة ان يدوي في بلاد الاسلام والشرق ، ولم يصب جهاده في سبيل العلم والدين بعد وفاة شيخه مع كثر المخاطر شيء من الوهن والفتور ، ولا جرم ان هذه الميزة هبة الهية لا تمنح الا للقليل من أفذاذ الرجال ، لأن حياة الأستاذ الإمام كانت قوية في مصر وفي غير مصر. لهذا كان بقاء صاحب المنار أكثر من ثلاثين عاما بعد وفاة شيخه في وجوده القوي ، يصد عادية جيوش الباطل التي لم تفتر ولم تنم ، دليلا ملموسا على أنه من الأفذاذ الذين بخل التاريخ بالكثير من أمثالهم ، ولعل أكبر شاهد على ذلك ان مهمة السيد رشيد العلمية لم يستطع إلى الآن أن يقوم بها فرد او جماعة على كثرة العلماء والكاتبين. ان لصاحب المنار ـ رحمة الله عليه ـ من حياته العلمية آثارا كثيرة ، وجوانب قوية لا أستطيع أن أوفيها حقها. وقد أردت أن تكون كلمتي فيه الآن مقصورة على علمه بالقرآن وبأسرار القرآن ، لأن صلتي به