وأباحت الحكومة الخمر والميسر ، وانتشرت الحانات ، وأنواع القمار ، في النوادي والأمكنة العامة ، وفي المدن والقرى والطرقات ومنازل الأثرياء ، فلم يعرف عن رجال الدين أنهم عارضوا الحكومة معارضة جدية في انها أحلت ما حرم الله.
وفي عهدنا الحاضر ذاع الفساد ، وتحللت الأخلاق ، واستشرى الداء ، وخلعت المرأة العذار. وهجرت المنزل وخالطت الرجال على شواطىء البحار ـ عرايا ـ وفي النوادي العامة ، وفي الحفلات الزاخرة بالمجانة والعبث والهوى والعربدة ، ونبذت التقاليد الصالحة الموروثة وهجر الدين ، وزال طابعه في مقدرات البلاد ومعنوياتها ولم يدرس دراسة تعليمية تطبيقية نافعة في المدارس والجامعات. وقعت تلك الأحداث الخطيرة الفاجعة ، فلم نر جمهرة العلماء ورجال الدين يجمعون جموعهم ، ويرفعون عقائرهم بالانكار والاحتجاج على أولي الأمر من أجل هذه المنكرات الشائعة ، وهذه المقابح الظاهرة ، وما رأينا أحدهم غامر وجاهد في سبيل الله ، حتى ناله الضر في نفسه او رزقه ، لم نر شيئا من ذلك ولم نسمع به ، بل كل ما نفعله هو أن نكتب في الصحف ، وأن نرفع العرائض الفاترة لأولياء الأمر ، وهم لا يحركون ساكنا ، ولا نحرك نحن ساكنا كذلك ، زعما بأننا أدينا واجبنا بالخطابة والعرائض وبالكلام وعلى الورق.
وتفرقت البلاد أحزابا وشيعا ، وانشقت على نفسها أقساما وفرقا ، وتزعم كل فريق زعيم يدعو الى شخصه ، وإلى تولي الحكم دون الآخرين ، حتى نسي القوم قضية الوطن ، وإصلاح أداة الحكم وشئون البلاد ، ورجال الدين يتفرجون على الموقف ، على حين أن الله أمرهم بإصلاح ما فسد من أحوال المسلمين ، ورتق ما تصدع من أمورهم «(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ، وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ») فلم نجتمع ولم ندع المتخاصمين إلى الصلح ، والمتنازعين إلى التفاهم والمتفرقين إلى الاتحاد ، والمدبرين إلى الرجوع إلى الحق ، ولم نقل كلمة الدين في المخالف ، حتى يفيء إلى أمر الله ، وحتى ننقد البلاد من البلاء المسلط عليها ، والمحيط بها من كل