أسلحة متكافئة ، وأن المنافسة في معركة الحياة الاقتصادية ليست متساوية كما هو معروف في الاقتصاد الغربي ـ هذا الذي قيل ـ منفى في الاقتصاد الإسلامي ، فالإسلام قد قرب أصحاب الملكيات بعضهم من بعض بما شرعه في نظام الوصية والإرث والزكاة ، وجعل الارث أنصبة متعددة ، وشمول الزكاة ثمانية أصناف «إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها ، والمؤلفة قلوبهم ، وفي الرقاب والغارمين ، وفي سبيل الله وابن السبيل».
ونضيف إلى ما قدمنا تحريم الربا لكيلا يثرى أحد من عمل على حساب غيره ، وتحريم لعب الميسر لكيلا يثرى أحد بطرق الحظ. هذه الاعتبارات كلها إذا روعيت كعهد المسلمين من قبل لا تدع أحدا محروما من سلاح يزاحم به مضمار الحياة ، ففي الإرث يدور دولاب تجزئة رأس المال باستمرار ، ولا يجيء عام جديد حيث يبدأ صندوق الزكاة إلا ترى المال يدور في أيدي جميع الأصناف ، حتى من أثقلتهم الديون ، فإن صندوق الزكاة يدفع عنهم مغارمهم ، ويسلحهم من جديد ليدخلوا السوق آمنين مطمئنين ، فأي ضمان للناس بعد هذا؟ وما عيب الرأسمالية في الإسلام؟
أما الحرية التي هي شرط في الاقتصاد الرأسمالي الغربي ، وعدت من عيوبه ، فإن هذا العيب منتف في الاقتصاد الاسلامي ، فالحرية في الاقتصاد الغربي تسير مطلقة لا تقف عند حد ، حتى انقلبت تلك الحرية الى فوضى ، مما اضطر أصحابها إلى إتلاف الحاصلات أحيانا للاحتفاظ بالأسعار العالية ، أما هذه الحرية في الاقتصاد الإسلامي ، فمقيدة بقيدين هما : العامل الأخلاقي والمصلحة الاجتماعية ، ويتدخل ولي الأمر في السوق حين يرى تنكب التجار أصول التعامل ، ويضرب بيد من حديد على أيدي المحتكرين المتحكمين في الأسواق ، والعازفين عن المصلحة العامة ، وكان عمر بن الخطاب يمشي في الأسواق ومعه الدرة يؤدب بها ذوي الأثرة والطامعين في الكسب الحرام. والحسبة معروفة في الإسلام ، وكان رجالها يقام لهم في الأسواق وزن واعتبار.