إسحاق](١) عن حارثة بن مضرّب (٢) عن علي قال :
لما كان ليلة بدر أصابنا وعك من حمى وشيء من مطر ، فافترق الناس يستترون تحت الشجر ، وما رأيت أحدا يصلي غير النبي صلىاللهعليهوسلم حتى انفجر الصبح ، فصاح : «عباد الله» ، فأقبل الناس من تحت الشجر ، فصلّى بهم ثم أقبل على القتال ورغّبهم فيه ، وقال لهم : «إن بني عبد المطلب قوم أخرجوا كرها ، لم يريدوا قتالكم ، فمن لقي منكم أحدا منهم فلا يقتله وليأسره أسرا» ، ثم قال لهم : «إن جميع قريش عند ذلك الضلع من الجبل».
فلما تصافّ القوم رأى النبي صلىاللهعليهوسلم رجلا يسير على جمل أحمر فقال : «إن يكن عند أحد من القوم خير فعند صاحب هذا الجمل الأحمر» ، ثم قال : «يا علي ، انطلق إلى حمزة ، وكان حمزة أدنى القوم من القوم ، فسله عن صاحب الجمل الأحمر ، وما ذا يقول» فسأله فقال : هذا عتبة بن ربيعة ، وهو ينهى عن القتال.
قال علي : وكان الشجاع منا يومئذ الذي يقوم بإزاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلما هزم الله القوم التفت فإذا عقيل مشدودة يداه عمرو عنقه بنسعة (٣) قال : فصددت عنه فصاح بي : يا ابن عمي أم علي ، أما والله لقد رأيت مكاني ولكن عمدا تصدّ عنّي.
فقال علي : فأتيت النبي صلىاللهعليهوسلم فقلت : يا رسول الله ، هل لك في أبي يزيد مشدودة يداه إلى عنقه بنسعة؟ فقال : «انطلق بنا إليه» ، فمضينا إليه نمشي ، فلما رآنا عقيل قال : يا رسول الله إن كنتم قتلتم أبا جهل [فقد](٤) ظفرتم وإلّا فأدركوا القوم ما داموا بحدثان قرحهم ، فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم : «قد قتله الله عزوجل» [٨١٨٨].
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن (٥) النّقّور ، أنبأ محمّد بن عبد الله بن الحسين الدقاق ، نا محمّد بن علي بن إسماعيل الأيلي ، نا مقدام بن داود بن عيسى ، نا يحيى بن عبد الله بن بكير ، نا عبد الله بن السمح التّجيبي ، عن عبّاد بن كثير ، عن عقيل بن خالد ، عن ابن شهاب ، عن أنس.
__________________
(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وم ، واستدرك لتقويم السند ، وفي «ز» : «عن أبي إسحاق» راجع ترجمة حارثة بن مضرب في تهذيب الكمال ٤ / ٨٤.
(٢) ضبطت عن تقريب التهذيب بتشديد الراء المكسورة قبلها معجمة.
(٣) النسعة قطعة من النّسع ، والنّسع بالكسر : سير ينسج عريضا على هيئة أعنة النعال تشد به الرحال ، وسمي نسعا لطوله (القاموس المحيط).
(٤) زيادة عن «ز» ، وم.
(٥) بالأصل : «والنقور» والصواب ما أثبت عن م ، و «ز».