وصحب أبا الخير الأقطع ، وطوّف الشام ، ودخل أطرابلس من ساحل دمشق.
حكى عنه أبو بكر محمّد بن الحسن الشيرازي.
أنبأنا أبو محمّد بن طاوس ، وحدّثنا عنه أبو القاسم (١) وهب بن سليمان الفقيه ، أنا أبو الفرج سهل بن بشر.
ح وقرأت (٢) على أبي الفتح نصر الله بن محمّد ، عن سهل بن بشر قال : أملى عليّ أبو المعالي المشرف بن مرجا المقدسي ـ بصور ـ نا أبو بكر محمّد بن الحسن الشيرازي ، قال : أوّل من جالست أبا الحسن علي بن الحسن الصيرفي (٣) البغدادي ، وكان رجلا زاهدا متعبّدا ، وكان يتكلم على الناس بعد صلاة العصر في مسجد بيت المقدس في محراب معاوية ، فقال له بعض الشيوخ : يستند الشيخ ، فقال : ما حولت وجهي عن القبلة إلّا وقعت عيني على ما أكره ، وما رآني قط إلّا متوجها إلى القبلة.
قال : وقال لي والدي أبو علي (٤) الحسن : وكنت أراه كثير الخلطة ، فسألته عن ملازمته (٥) [إيّاه؟](٦) فقال : يا بني ، هذا صاحب ديوان المقتدر بالله ببغداد ، وكان يسمى جهبذ الجهابذة ، رمى بالدنيا ، ولبس جبّة صوف ، وسلك الحجاز على الوحدة ، وغزا إلى طرسوس ، ورجع إلى القدس ، فرزقه الله لسانا في علم التوحيد ، يدق عن مسامع كثير من الناس ، ولقد سمعته يقول : نزلت على أبي الخير التيناتي (٧) ـ رحمهالله ـ فأقمت في ضيافته ثلاثة أيام ، ثم ودعته وأردت الانصراف من عنده ، فودّعني ، ودفع إليّ قرطاسا فيه وزن درهم [فلم أزل أنفق منه حتى جئت إلى طرابلس فوزنته ، فإذا فيه درهم](٨) ، فندمت على وزني إياه ، وتوفي هذا الشيخ رضياللهعنه وهو في صلاة الوتر ، قرأ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)(٩) ، فلمّا قال : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ)(١٠) فاضت نفسه ، رحمة الله عليه.
__________________
(١) «أبو القاسم» استدركت على هامش م وبعدها صح.
(٢) كتب فوقها في «ز» : «ح أو» بحرف صغير.
(٣) الأصل وم : «الصارفي» والمثبت عن «ز».
(٤) «علي» استدركت على هامش «ز» ، وبعدها صح.
(٥) الأصل : تلامذته ، والمثبت عن م و «ز».
(٦) الزيادة بين معقوفتين في «ز» فقط.
(٧) إعجامها مضطرب بالأصل ، وم ، و «ز» ، والصواب ما أثبت ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٦ / ٢٢ مختلف في اسمه.
(٨) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وم ، واستدرك عن «ز». للإيضاح.
(٩) سورة الإخلاص ، من الآية (١) إلى الآية (٤).
(١٠) سورة الإخلاص ، من الآية (١) إلى الآية (٤).