ثم ما ذا؟ قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «تقول : أشهد الله وأشهد من حضر أنّي مسلم مهاجر مجاهد» ، فقال عكرمة ذلك ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا تسألني اليوم شيئا أعطيه أحدا إلّا أعطيتكه» ، قال عكرمة : فإنّي أسألك أن تستغفر لي كل عداوة عاديتكها ، أو مسير أوضعت (١) فيه أو مقام لقيتك فيه ، أو كلام قلته في وجهك ، أو أنت غائب [عنه](٢) ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اللهمّ اغفر له كل عداوة عادانيها (٣) ، وكلّ مسير سار فيه إلى موضع يريد بذلك المسير إطفاء نورك ، واغفر له ما نال مني من عرض ، في وجهي أو أنا غائب عنه» ، فقال عكرمة : رضيت يا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم قال عكرمة : أما والله يا رسول الله لا أدع نفقة كنت أنفقتها في صدّ عن سبيل الله إلّا أنفقت ضعفها في سبيل الله ، ولا قتالا كنت أقاتل في صدّ عن سبيل الله إلّا أبليت ضعفه في سبيل الله ، ثم اجتهد في القتال حتى قتل شهيدا ، فردّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم امرأته بذلك النكاح الأول.
قال الواقدي عن رجاله (٤) : وقال سهيل بن عمرو ـ يعني يوم حنين ـ لا يجتبرها (٥) محمّد وأصحابه قال : يقول له عكرمة : إن هذا ليس بقول ، إنّ الأمر بيد الله ، وليس إلى محمّد من الأمر شيء ، إن أديل عليه اليوم فإنّ له العاقبة غدا ، قال : يقول سهيل : والله إنّ عهدك بخلافه لحديث ، قال : يا أبا يزيد ، إنّا كنا والله نوضع في غير شيء وعقولنا عقولنا ، نعبد حجرا لا يضرّ ولا ينفع.
قال : وأنا ابن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن فهم ، نا محمّد بن سعد ، أنا محمّد بن عمر ، حدّثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، عن موسى بن عقبة ، عن أبي حبيبة مولى الزبير ، عن عبد الله بن الزبير فذكر الحديث سوى قصة سهيل نحوه ورواته الثلجي أتمّ :
وقال ابن سعد بعد تلفظه بكلمة الشهادة ، وقلت : أنت أبرّ الناس وأصدق الناس ، وأوفى الناس أقول ذلك وإنّي لمطأطئ الرأس استحياء منه ، وقلت : يا رسول الله ، استغفر لي كل عداوة عاديتكها ، أو مركب أوضعت فيه أريد به إظهار الشرك فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اللهمّ اغفر لعكرمة كلّ عداوة عادانيها ، أو منطق تكلّم به ، أو مركب أوضع فيه يريد أن يصدّ عن سبيلك» ، فقلت : يا رسول الله مرني بخير ما تعلم فأعلمه قال : «قل : أشهد أن لا إله إلّا الله ،
__________________
(١) الأصل وم : أوضعت ، وفي مغازي الواقدي : وضعت.
(٢) زيادة عن الواقدي.
(٣) الأصل وم : عدانيها ، والمثبت عن الواقدي.
(٤) مغازي الواقدي ٣ / ٩١٠ ـ ٩١١.
(٥) أي لا مجبر منها (انظر اللسان : جبر).