في زمنه أو قبيل زمنه بقليل لم يذكر ذلك ولم يزد في الكلام عليه على أكثر مما تقدم ومما سيأتي قريبا من الكلام على الزاوية التي بنيت شرقي قبليته ، كذلك لم يذكر ذلك أبو الفضل ابن الشحنة المتوفى سنة ٨٩٠ في تاريخه «نزهة النواظر» ، ولم يذكر ذلك من انتزع من هذا التاريخ تاريخا آخر وسماه «الدر المنتخب» ، مع أن كل واحد من هؤلاء قد اعتنى ببيان المزارات التي في حلب وما حولها أشد الاعتناء. وكذلك المتقدمون من المؤرخين مثل الهروي في كتابه «الإشارات إلى الزيارات» وابن العديم في تاريخه الكبير وغيرهما ، فإنا لم نجد أحدا ذكر أن لنا نبيا اسمه بنقوسا وأنه مدفون في هذا المكان.
والذي وجدته في التواريخ ما يفيد أن هذا المكان كان خاليا من الأبنية ومنتزها ، فقد قال الصنوبري من شعراء القرن الرابع في قصيدته الهائية التي ذكرها صاحب المعجم في كلامه على حلب :
حبذا الباءات باءت |
|
وقويق ورباها |
بانقوساها بها با |
|
هى المباهي حين باهى |
وقال ياقوت في المعجم : (بانقوسا : جبل في ظاهر مدينة حلب من جهة الشمال ، قال البحتري :
أقام كل ملثّ القطر رجّاس |
|
على ديار بعلو الشام أدراس |
فيها لعلوة مصطاف ومرتبع |
|
من بانقوسا وبابلّى وبطياس |
وفي آخر البيت الثاني من الدر المنتخب قال ابن الخطيب المتوفى سنة ٨٤٣ : وكانت حلب كثيرة الأشجار ، وكان موضع بانقوسا أشجار كثيرة. (ثم قال) : أخبرني الحاج ياروق بن آشود وكان من المعمّرين أنه أدرك في بيت والده مجلسا مسقوفا بالخشب : وأن والده قال له : يا ياروق ، سقف هذا المجلس من مخشبة بانقوسا ا ه.
وقال في الباب الرابع والعشرين في ذكر ستزهات حلب : ومنها بابلّى ، وهي قرية قريبة متصلة أرضها بأرض بانقوسا بها عدة جواسق وبحرات وجنينات وغير ذلك.
وقال المرتضى الزبيدي في شرحه للقاموس : ومما يستدرك البناقيس ، أهمله الجوهري وصاحب اللسان. وقال ابن عباد : هو ما طلع من مستدير البطيخ ، الواحد بنقوس بالضم ، وبناقيس الطرثوث شيء صغير ينبت معه أول ما يرى. ومما يستدرك عليه بانقوسا :