جبل في ظاهر حلب من جهة الشمال. قال البحتري : (أقام كل ملثّ القطر رجّاس) إلخ الأبيات المتقدمة.
فكل ذلك يفيد أن بانقوسا اسم للجبل الذي هناك (١) ولما حوله من الأراضي التي كانت مغروسة بالأشجار ليس إلا ، وبقيت على ذلك إلى أواخر القرن السابع ، وفيه ابتداء العمران فيها إلى أن صارت محلة واسعة بل بلدة كبيرة واتصلت بباب البلد الذي هناك المسمى قديما بباب القناة.
قال في الدر المنتخب في الكلام على الأبواب : ويلي هذا الباب أي باب النيرب باب القناة التي ساقها الملك الظاهر من حيلان تعبر منه. (قلت) : ويعرف الآن بباب بانقوسا لأنه يخرج منه إليها ، وهي حارة كبيرة ظاهر حلب من جهة الشرق والشمال بها جوامع ومساجد وحمامات وأسواق وخانات ، وهي الآن بندر عظيم. ا ه.
أقول : ويعرف هذا الباب الآن بباب الحديد.
وما أعرق في الوهم ما يقوله بعض العوام أن بانقوسا أصله (بان قوسها) والضمير يعود لامرأة كانت هناك وراء الصخور في بعض الحروب ، ثم رفعت رأسها وكانت متنكبة قوسها فقال الناس : بان قوسها ، ثم داخلها التحريف فصارت بانقوسا ، فهذا لا ريب من مخترعات العوام ، والصواب ما حققناه *.
وطول قبلية الجامع (٤٥) ذراعا وعرضها نحو (٢٠) ذراعا ومحرابه من الحجر الأصفر لكنه خال من الزخرفة ، وعن يسار المحراب حجرة مبنية في الجدار لونها أزرق فيها أثر كف يقولون إنها كف النبي صلىاللهعليهوسلم أثرت في هذا الحجر ، ومكتوب على الحجرة كتابة محيطة بالكف هذا البيتان :
لأصابع المختار في هذا الحجر |
|
آثار خيرات يقينا في البصر |
فالثم مواضع كفه إن كنت من |
|
أهل المحبة مرتج كلأ الضرر |
ويحكون عن سبب وصول الحجرة إلى هنا وبنائها في هذا الجدار حكاية تشبه الحكاية التي قدمناها في الجزء السابق (ص ٢٨٨) في الكلام على القدم التي في جامع الكريمية ،
__________________
(١) أي الذي بنى فوقه إبراهيم باشا المصري الثكنة العسكرية العظيمة ويتصل بها المقبرة التي تعرف بجبل العظام.
(*) انظر «موسوعة حلب المقارنة» للأسدي.