وأجاز له إذ دخل دمشق سنة ثلاث وستين وتسعمائة الشيخ المعمر محمد بن بلبان ورد الشيخ أبي بكر بن داود قدس الله روحه وتلاوته بحق روايته عن الشيخ عبد القادر بن أبي الحسن البعلي الحنبلي بحق روايته عن ولد المصنف المسمى كأبيه بالشيخ أبي بكر عن المصنف.
قال : ومولده في تاسع المحرم سنة إحدى وسبعين وثمانمائة.
وقد نظم الشيخ بدر الدين ونثر ، وطالع الكثير وقرر ، وتصدى للإقراء وتصدر. تولى وظيفة تلقين القرآن العظيم بالجامع الكبير بحلب عن شيخه البرهان الدمشقي القابوني بحكم وفاته بعد أن عارضه فيها من عارضه ، وأبى الله إلا أن تكون له وأن يخرج من عهدة خدمتها مع الإفادة في علوم شتى تقرأ عليه. ثم تولى تدريس الصاحبية الشدادية وكذا إمامة الحجازية بحكم وفاة عمه.
وترجمه النجم الغزي في تاريخ لطف السمر وقطف الثمر فقال : محمود بن محمد الشيخ الإمام العلامة أبو الثنا بدر الدين البيلوني الحلبي العدوي الشافعي شيخنا ، من صرف عمره في العلم تعلما وتعليما. قرأ على والده وغيره ، ولازم على ابن الحنبلي فاضل حلب ، وكان شيخه ابن الحنبلي يجله ، وبرع في زمانه وكان يدرس في حياته. وكان يحفظ القرآن العظيم حفظا متينا مع التجويد والإتقان فيه ، مع تبحره في النحو والصرف والمعاني والبيان والمنطق والهيئة والتفسير والفقه والأصول ومعارف الصوفية. وكان إذا تكلم في فن من العلم يقول سامعه لا يحسن غيره ، وكان مع ذلك يظهر له كشف في مجلسه وإشراق على قلوب جلسائه.
قدم علينا دمشق قاصدا الحج على طريق مصر في سادس عشري جمادى الآخرة سنة سبع بتقديم السين بعد الألف ، وأخبرنا أنه أخذ العلم أيضا عن ملا مصلح الدين اللاري. وسمع الحديث من الشيخ برهان الدين بن العمادي ، وأجازه الشيخ نجم الدين الغيطي مكاتبة ، وحضر مجلس درسي بالجامع الأموي تجاه سيدي يحيى عليهالسلامة عشية في أثناء رجب هو وجماعته وشيخنا القاضي محب الدين ، وذهبوا لضيافتي وحضروا عندي ليلة كاملة كانت ليلة مشهودة. وخطر لي في ليلة النصف من رجب أن أستجيزه بالإفتاء والتدريس ، فلما أصبحت ذهبت لزيارته وكان نازلا بالعادلية الصغرى داخل دمشق ، فرأيته قد كتب لي إجازة بالإفتاء والتدريس ودفعها إليّ.