الباب السّادس والخمسون
في ذكر الكواكب اليمانية والشّامية وتميز بعضها عن بعض وذكر ما يجري مجراه من تفسير الألقاب.
واعلم أنّ القوم لمّا أرادوا تميز الكواكب قسموا الفلك قسمين ، وسمّوا أحد النّصفين جنوبيّا ، وهو الذي يلي الجنوب ، وسمّوا النّصف الآخر شماليّا وهو الذي يلي الشّمال ، وسمّوا كلّ ما وقع في النّصف الجنوبي من البروج والكواكب جنوبيّة ، وسمّوا ما وقع في النّصف الشّمالي من البروج والكواكب شماليّة ، وسمّت العرب تلك الشّمالية شاميّة ، والجنوبية يمانية ، والمعنيان واحد ، لأنّ مهبّ الشّمال عندهم من جهة الشّام ، ومهبّ الجنوب من ناحية اليمن ولذلك جعلوا ما بين رأس الحمل إلى رأس الميزان من البروج شاميّة. وجعلوا ما بين رأس الميزان إلى رأس الحمل من البروج يمانية. وكذلك جعلوا ما بين الشّرطين من المنازل إلى السّماك شاميّة ، وجعلوا ما بين الغفر إلى الرّشاء يمانية. فكلّ كوكب مجراه ما بين القطب الشّمالي إلى ما بين مدار السماك الأعزل أو فويقه قليلا فهو شاميّ ، وكلّ كوكب مجراه دون الفلك إلى ما يلي القطب الجنوبي فهو يماني. والنّسران أحدهما الطّائر والآخر الواقع وهما شاميّان. فأما الواقع فهو منير ، وخلفه كوكبان منيران ، يقولون : هما جناحاه ، وقدّامه كواكب يقال لها : الأظفار. وأمّا الطّائر فهو إزاء الواقع ، وبينهما المجرّة ، ولا يستتر إلا خمس ليال. وأمّا قول ذي الرّمة شعرا :
يحبّ امرؤ القيس العلى أن ينالها |
|
وتأبى مقاريها إذا طلع النّسر |
فإنّما يذمّهم بأنهم لا يطعمون في الشّتاء ، والمقاري الجفان.
قال أبو حنيفة : وكذلك مدار الكوكب الذي تسميه العرب : الفرد وهو قريب من الفصل بين شاميّ الكواكب ويمانيّها. وقول عمر بن أبي ربيعة في سهيل بن عبد الرّحمن : وتزوّجه الثّريا العبلية من بني أميّة ، يضرب لهما كوكبي سهيل والثريّا مثلا فقال :