أنبأنا أبو القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان ، أنبأنا أبو عبد الله محمّد بن علي بن أحمد السّلمي ، أنبأنا أبو علي أحمد بن عبد الرّحمن بن أبي نصر ، أنبأنا محمّد بن عبد الله بن زبر ، حدّثنا الدّقّي محمّد بن داود الدّينوري قال : سمعت أبا بكر الفرغاني بدمشق يقول :
جاءني مائتا دينار من العراق ميراث ، فجعلت أفرّقها على المستورين ، فقالت لي زوجتي : تفرق هذه المائتي دينار وتردّنا إلى الفقر ، قال : ما أبيع مذهبي بمائتي دينار ، قالت : فاجعل لابنك الصغير عشرين دينارا ، فإن عاش كانت له وإلّا صارت لمن هي له ، قال : فأعطيتها عشرين دينارا وزنها وعددها واحد ، قال : فقدم عليّ نفسان من إخواني فاشتغل قلبي بهم ، فدفعت من الدنانير إليهم دينارين على أن أردّ عليها إذا وجدت ، أو (١) كنت أخذت سرا (٢) منها ، قال : فرأيت في النوم كأنّي قد خرجت إلى دير مرّان (٣) فإذا بقصر دون الجامع عليه بوابين فقلت : لمن هذا القصر؟ فقالوا : هو لك يا أبا بكر ، قال : قلت : ما هو لي ، من أين هو لي وأنا رجل فقير؟ قال : هو لك بالدينارين اللذين دفعت إلى فلان وفلان ، قال : فانتبهت ، فقلت : إن صح منامي فالدنانير ما نقصت [قال : فحللتها فإذا وزنها عشرون ، وعددها عشرون ، ما نقصت](٤).
سمعت أبا المظفّر بن القشيري يقول : سمعت أبي الأستاذ أبا القاسم يقول : سمعت محمّد بن أحمد بن محمّد الصّوفي يقول : سمعت عبد الله بن علي التميمي يقول : حكي عن محمّد بن إسماعيل الفرغاني أنه قال (٥) : كنّا نسافر منذ عشرين سنة أنا وأبو بكر الزقاق والكتّاني (٦) لا نختلط بأحد ولا نعاشر أحدا ، فإذا قدمنا بلدا فإن كان فيه شيخ سلّمنا عليه وجالسناه إلى الليل ، ثم نرجع إلى مسجد فيصلي الكتّاني من أوّل الليل إلى آخره ، ويختم القرآن ويجلس الزقاق مستقبل (٧) القبلة ، وكنت أستلقي متفكّرا ، ثم نصبح ونصلي صلاة الفجر على وضوء العتمة ، فإذا وقع معنا إنسان ينام كنّا نراه أفضلنا.
أنبأنا أبو جعفر المكّي ، أنبأنا الحسين بن يحيى ، أنبأنا الحسن بن علي بن محمّد ،
__________________
(١) كذا بالأصل ود ، وفي «ز» : «وكنت» وهو أشبه.
(٢) في د : سره.
(٣) دير مرّان : تقدم التعريف به ، (راجع معجم البلدان).
(٤) ما بين معكوفتين سقط من الأصل ، واستدرك عن «ز» ، ود.
(٥) رواه القشيري في الرسالة القشيرية ص ٢٩٠ (ط. بيروت).
(٦) في الرسالة القشيرية : ومحمد الكتاني.
(٧) في الرسالة القشيرية : مستقبلا القبلة.