أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الحسن علي بن أحمد ، قالا : حدّثنا [ـ و](١) أبو منصور بن عبد الملك ، أنبأنا ـ أحمد بن علي الحافظ (٢) قال : قرأت على أبي الحسين هبة الله بن الحسن الأديب لأبي بكر محمّد بن الحسن بن دريد يرثي أباجعفرالطّبري :
لن تستطيع لأمر الله تعقيبا |
|
فاستنجد الصبر أو فاستشعر الحوبا |
وافزع إلى كنف التسليم وارض بما |
|
قضى المهيمن مكروها ومحبوبا |
إنّ العزاء إذا عزّته (٣) جائحة |
|
ذلّت عريكته فانقاد مجنوبا |
فإن قرنت إليه العزم أيّده |
|
حتى يعود لديه الحزن مغلوبا |
فارم الأسى بالأسى يطفى مواقعها |
|
جمرا خلال ضلوع الصدر مشوبا |
الأسى الحزن ، والأسى جمع أسوة كقوله : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)(٤).
من صاحب الدّهر لم يعدم مجلجلة (٥) |
|
يظلّ منها طوال العيش منكوبا |
إنّ الرزية (٦) وفر تزعزعه |
|
أيدي الحوادث تشتيتا وتشذيبا |
ولا تفرق ألّاف يفوت بهم |
|
بين يغادر حبل الوصل مقضوبا |
لكنّ فقدان من أضحى بمصرعه |
|
نور الهدى وبهاء العلم مسلوبا |
أودي أبو جعفر والعلم فاصطحبا |
|
أعظم بذا صاحبا إذ ذاك مصحوبا |
إنّ المنية لم تتلف به رجلا |
|
بل أتلفت علما للدين منصوبا |
أهدى الرّدى للثرى إذ نان مهجته |
|
نجما على من يعادي الحقّ منصوبا (٧) |
كان الزمان به تصفو مشاربه |
|
فالآن أصبح بالتكدير مقطوبا |
كلا وأيامه الغرّ التي جعلت |
|
للعلم نورا وللتقوى محاريبا |
لا ينسري الدهر عن شبه له أبدا |
|
ما استوقف الحج بالأنصاب أركوبا |
أوفى بعهد وأورى عند مظلمة |
|
زندا وآكد إبراما وتأديبا |
__________________
(١) زيادة عن «ز» ، ود ، لتقويم السند.
(٢) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٢ / ١٦٧ والقصيدة أيضا في سير أعلام النبلاء ١٤ / ٢٨٠ وما بعدها.
(٣) بالأصل : «أعرته» والمثبت عن د ، و «ز» ، وتاريخ بغداد.
(٤) سورة الأحزاب ، الآية : ٢١.
(٥) بالأصل : مجلحة ، والمثبت عن «ز» ، ود ، وتاريخ بغداد.
(٦) في تاريخ بغداد : البلية.
(٧) في تاريخ بغداد : مصبوبا.