فضائل علي ، يقول في آخره : «يا أنس إنّ الرجل قد يحبّ قومه ، إن الرجل قد يحبّ قومه ، إنّ الرجل قد يحب قومه» [١١٠١٥].
قرأت في كتاب أبي الفرج علي بن الحسين بن محمّد (١) ، أخبرني علي بن سليمان الأخفش ، حدّثنا الحسن بن الحسين السكري قال : قال عمارة بن عقيل : حدّثني أبي عن أبيه أن الحجّاج بن يوسف أوفد ابنه محمّد بن الحجّاج إلى عبد الملك ، وأوفد إليه جريرا معه ووصّاه به ، وأمره بمسألة عبد الملك في الاستماع منه ومعاونته عليه ، فلما وردوا (٢) استأذن له محمّد على عبد الملك ، فلم يأذن له ، وكان لا يستمع من شعراء مضر (٣) ولا يأذن لهم ، لأنهم كانوا زبيرية ، فلما استأذن له محمّد على عبد الملك فلم يأذن له أعلمه أن أباه الحجّاج يسأله في أمره ويقول : إنه لم يكن ممّن مالأ (٤) ابن الزبير ولا نصره بيده ولا لسانه ، وقال له محمّد : يا أمير المؤمنين ، إنّ العرب تتحدّث أنّ عبدك وسيفك الحجّاج شفع في شاعر قد لاذ به ، وجعله وسيلته ثم رددته ، فأذن له ، فدخل فاستأذن في الإنشاد فقال له : وما عساك أن تقول فينا بعد قولك في الحجّاج ، ألست القائل (٥) :
من سدّ مطلع النفاق عليكم (٦) |
|
أم من يصول كصولة الحجّاج |
إنّ الله لم ينصر الحجّاج بن أم الحجّاج وإنما نصر دينه وخليفته ، ألست القائل (٧) :
أمن يغار على النساء حفيظة |
|
إذ لا يثقن بصولة الأزواج |
يا عاضّ كذا وكذا من أمه ، والله لهممت أن أطير بك طيرة بطيئا سقوطها ، اخرج عني ، فأخرج بشرّ ، فلمّا كان بعد ثلاث شفع إليه محمّد لجرير وقال له : يا أمير المؤمنين إنّي أدّيت رسالة عبدك (٨) الحجّاج وشفاعته في جرير ، فلمّا أذنت له خاطبته بما أطار لبّه ومضى منه وأشمت به عدوّه ، ولو لم تأذن له لكان خيرا له مما سمع ، فإن رأيت أن تهب كلّ ذنب لعبدك الحجّاج ولي فافعل ، فأذن له فاستأذنه في الإنشاد فقال : لا تنشدني إلّا في الحجّاج ، فإنّما
__________________
(١) الخبر في الأغاني ٨ / ٦٦ وما بعدها.
(٢) كذا بالأصل ، ود ، و «ز» ، والأغاني.
(٣) بالأصل : مصر ، والمثبت عن د ، و «ز» ، والأغاني.
(٤) في الأغاني : وإلى.
(٥) من أبيات يمدح جرير بها الحجاج بن يوسف ، ديوانه ط بيروت ص ٦٩ والأغاني ٨ / ٦٦.
(٦) الديوان : عليهم.
(٧) ديوان جرير ص ٧٠.
(٨) بالأصل : «عبد» والمثبت عن «ز» ، والأغاني.