في ثلاثين يوما ، فلمّا كان بعد ذلك قال (١) له أولاده : سررتنا يا أبه في هذا الشهر قال : وكيف يا بني؟ قالوا : لأنك كنت تأكل ما نوجّه إليك ، فقال لهم : قد كان ما كان ، فلمّا سمعوا منه ذلك سألوا الغلام فقال : أنا كنت آكله ، ويفطر هو على تمرة واحدة كل ليلة.
أخبرتنا أمة العزيز بنت أبي الفرج الإسفرايني قالت : أنبأنا أبي وأبو نصر الطّريثيثي ، قالا : أنبأنا علي بن القاسم بن أحمد ، قال : خبرنا أبو القاسم الحسين بن ذكر بن محمّد العكاوي ، حدّثنا علي بن رجاء بن طغان ، عن طاهر بن محمّد ، حدّثني بعض إخواني عن ابن أبي عبيد البسري قال : رأيت ـ يعني : أباه ـ في بعض الليالي قد اضطرب ، وبكى بكاء كثيرا ، ولم نكن نجترئ عليه إذا أصابه سبب ، وهو بين يدي ربّه ، أن نكلّمه ، فلمّا أصبحنا قلت له : يا أبه ، رأيت الليلة منك شيئا لم أكن أراه فيما مضى ، فقال : وما هو؟ قلت : رأيتك وقد بكيت وأكثرت البكاء ، واضطربت اضطرابا كثيرا ، فقال : يا بني لا تلمني ، كنت واقفا بين يدي الله عزوجل أصلي ، وأنعس ، ثم انتبه ، فأرجع إلى القراءة ، فأنعس ، فأصابني ذلك مرارا ، فلم أعلم إلّا بإنسان قد أخذ بعضدي ، ثم قال لي : انظر بين يدي من أنت قائم! واستفرغ عليّ من البكاء ما رأيت.
أنبأنا بها أبو محمّد بن الأكفاني ، أنبأنا عبد العزيز بن أحمد ـ إذنا ـ عن أبي الحسين الميداني ، حدّثنا علي بن الحسن بن رجاء ، حدّثنا أبو العباس الإمام ، حدّثني بعض إخواني فذكرها.
أخبرتنا أمة العزيز بنت الإسفرايني قالت : أنبأنا أبي والطّريثيثي ، قالا : أنبأنا أبو الحسن علي بن القاسم قال : خبرنا الحسين بن ذكر ، حدّثني ابن طغان ، حدّثني أبو يعقوب إسحاق ابن إبراهيم الأذرعي ، أخبرني عبد الرّحمن بن واصل أبو زرعة الحاجب ، حدّثني أبو عبيد قال :
رأيت في منامي كأن مناديا ينادي : يا أبا عبيد ، قم رحمك الله إلى الصّلاة ، فذهب بي النوم ، فناداني مرة أخرى ، فذهب بي النوم ، فانتبهت ويده على رأسي وهو يقول : قم يا حبيبي ، فقد رحمك الله.
قال : وسمعت أبا عبيد يقول : رأيت كأن القيامة قد قامت وقد اجتمع الناس ، وإذا
__________________
(١) بالأصل ود : قالوا ، والمثبت عن «ز».