أخبرنا أبو بكر محمّد بن أحمد ، أنبأنا علي بن عبد الله ، أنبأنا محمّد بن عبد الله قال : سمعت علي بن أبي بويه قال : قال لي مؤمّل الجصاص : سمعت جعفر الحذّاء وقد نظر إلى أبي عبد الله بن خفيف وكان (١) في حدة إرادته فقال : يذهب التصوف من فارس مع هذا الغلام.
قال : وأنبأنا محمّد قال : سمعت [أبا] عبد الله بن خفيف يحكي لعيسى بن يزول (٢) القزويني قال : كنت يوما في الجامع أتكلم في مقامات الأولياء وكان عهدي بالطعام أسبوعا ، فأخذني البول ، فما ملكت نفسي حتى قمت ، وخرجت ، فلما بلغت السوق بلت في سراويلي ، فقلت لنفسي : يا خسيس ، مثلك يتكلم في مقامات الأولياء ، ثم بكى ، فلما أفاق من بكائه قال : أظن أن هذه الآية نزلت في الكذّابين من الصوفيّة ، ويقول الاشهاد : هؤلاء الذين كذبوا على ربّهم.
أنبأنا أبو القاسم عبد الرّحمن بن طاهر الميهني ، أنبأنا أبو شجاع محمّد بن سعدان ، أنبأنا أبو الحسن علي بن بكران الصوفي ، أنبأنا أبو الحسن علي بن الديلمي ، أخبرني (٣) أبو أحمد الصغير قال : كنت أخدم الشيخ (٤) وليس معي في داره أحد ، ولا يتقدم إليه أحد غيري ، أو من أقدّمه ، فأصبحت يوما ، وصلّيت الصبح في الغلس ، وجلست على الباب أقرأ في المصحف ، وقد أخرجت رأسي من الباب أستضيء من الغلس ، قال : فجاء أبو أحمد الكاغدي البيضاوي وقال : أيّها الشيخ ، أريد الخروج ، فادع لي ، فدعا له ، ومضى خطوات ، فدعاه الشيخ ، فرجع إليه ، وناوله أرغفة حارة ، وقال : كل هذا في الطريق ، قال أبو أحمد : فتحيّرت ، وعلمت أنه لا يدخل إليه إلّا من أدخلته ، فغدوت (٥) وراء الكاغدي وقلت : أرني هذا الخبز ، فأراني ، فإذا هو رقاق حار ، فمما أدركني من الوسواس لم أصبر ، فلما كان العصر قلت : أيها الشيخ ، ذاك الخبز من أين؟ قال : فقال : لا تكن صبيا أحمق ، ذاك جاء به إنسان فهبته أن أستزيده ، وسكتّ.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن الحسن ، أنبأنا علي بن عبد الله ، أنبأنا محمّد بن عبد الله بن عبيد الله ، حدّثنا أبو نصر الطرسوسي ـ وكان شيرازيا إلّا أنه لقّب بهذا لأنه أقام
__________________
(١) من هنا إلى قوله : «يحكي لعيسى» سقط من «ز».
(٢) أعجمت عن «ز».
(٣) في «ز» : أخبرنا.
(٤) زيد في «ز» : أبا عبد الله بن خفيف.
(٥) في «ز» : فعدوت.