لو لم تخرجه لقلعنا أضراسك ضرسا ضرسا حتى لا يبقى في فيك ضرس واحد.
قال الشيخ أبو بكر رحمهالله : فجئت إلى الفقراء وعرفتهم فقالوا : ما أخرجت الكسر. إلّا بعد قلع الأضراس.
آخر الجزء الحادي عشر بعد الستمائة من الفرع (١)
أخبرنا أبو المظفّر بن القشيري ، أنبأنا أبي (٢) ، أنبأنا أبو حاتم السجستاني ، أنبأنا عبد الله بن علي السرّاج قال : حكى أبو بكر محمّد بن داود الدّينوري الدّقّي قال : كنت بالبادية ، فوافيت قبيلة من قبائل العرب ، فأضافني رجل منهم ، فرأيت غلاما أسود مقيدا هناك ، ورأيت جمالا ماتت بفناء البيت ، فقال لي الغلام : أنت الليلة ضيف ، وأنت على مولاي كريم ، فتشفّع لي فإنه لا يردّك ، فقلت لصاحب البيت : لا آكل طعامك حتى تخلي (٣) هذا العبد ، فقال : هذا الغلام قد أفقرني وأتلف مالي ، فقلت : فما فعل؟ فقال : له صوت طيب ، وكنت أعيش من ظهر (٤) هذه الجمال ، فحمّلها أحمالا ثقيلة ، وحدى لها حتى قطعت مسيرة ثلاثة أيام في يوم ، فلما حط عنها ماتت كلها ، ولكن قد وهبته لك ، وحل عنه القيد ، فلما أصبحنا أحببت أن أسمع صوته ، فسألته ذلك ، فأمر الغلام أن يحدو على جمل كان على بئر هناك يستقي عليه ، فحدا (٥) ، فهام الجمل على وجهه ، وقطع حباله ، ولم أظن أني سمعت صوتا أطيب منه ، ووقعت على وجهي ، حتى أشار عليه بالسكوت.
حدّثنا أبو المعالي فضل الله بن عبد الرّحمن بن طاهر ، أنبأنا ابن عمي أبو الفضائل بن أبي البركات الحابرائي ، أنبأنا جدي أبو الفتح طاهر بن سعيد بن فضل الله ، أنبأنا واصل بن حمزة البخاري الصوفي قال : سمعت أحمد بن أبي الحسن الطّريثيثي قال : سمعت أبي يقول : جاز الشيخ أبو بكر الدّقّي مع جماعة من الصوفية على بيعة للنصارى في الشام ، فقال أصحابه ، فدخل البيعة وتبصر النصارى ، فوقف الشيخ على باب البيعة ودخل أصحابه ، فداروا وأبصروهم وخرجوا ، فقال لهم الشيخ : أيش الذي استفدتم من هذه البيعة؟ فقالوا : لا شيء ،
__________________
(١) ما بين الرقمين ليس في د.
(٢) الخبر في الرسالة القشيرية ص ٣٣٩ تحت عنوان : السماع. وسير أعلام النبلاء ١٦ / ١٣٩ من طريق أبي نصر السراج.
(٣) كذا بالأصل ، ود ، و «ز» ، وفي الرسالة القشيرية : «تحلّ» وفي سير الأعلام : تحله.
(٤) في الرسالة القشيرية : جهد.
(٥) في «ز» : فحدى.