يضع ذقنه على صدره ، فتنتصب كأنه (١) خشبة منصوبة.
كتب إليّ أبو نصر بن القشيري ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ قال : سمعت أبا عبد الله ـ هو ابن الأخرم ـ يقول :
ما رأيت أحسن صلاة (٢) من أبي عبد الله محمّد بن نصر ، ثم بعده أبو عبد الله البوشنجي ، وكان محمّد بن نصر المروزيّ يضع ذقنه على صدره ، وقام كأنه رمح ، وكان محمّد بن يحيى أحسنهم صلاة.
قال : وسمعت أبا عبد الله يقول :
رأيت أبا عبد الله محمّد بن نصر وهو من أعلم الناس ، وآدب الناس ، وأحسنهم صلاة ؛ ولقد بلغني أنّ ذبابا جلس على أذنه وهو يصلي فأدماه فلم يذبّ عن نفسه ، وكان من أحسن الناس خلقا ، كأنما فقئ في وجهه حب الرمان وعلى خده كالورد ، ولحيته بيضاء.
أخبرنا أبو القاسم النسيب ، وأبو الحسن الزاهد ، قالا : نا وأبو منصور بن زريق (٣) ، أنا ـ أبو بكر الخطيب (٤) ، حدّثني أبو الفرج محمّد بن عبد الله الخرجوشي (٥) ـ لفظا ـ قال : سمعت أحمد بن منصور بن محمّد الشيرازي يقول : سمعت أحمد بن إسحاق بن أيوب الفقيه يقول : سمعت محمّد بن عبد الوهّاب الثقفي يقول : كان إسماعيل بن أحمد والي خراسان يصل محمّد ابن نصر المروزيّ في كلّ سنة بأربعة آلاف درهم ، ويصله أخوه إسحاق بن أحمد بأربعة آلاف درهم ، ويصله أهل سمرقند بأربعة آلاف درهم ، فكان ينفقها من السنة إلى السنة من غير أن يكون له عيال ، فقيل له : لعل هؤلاء القوم الذين يصلونك يبدو لهم ، فلو جمعت من هذا شيئا لنائبة؟ فقال : يا سبحان الله ، أنا بقيت بمصر كذا وكذا سنة ، فكان قوتي وثيابي وكاغدي وحبري وجميع ما أنفقته على نفسي في السنة عشرين درهما ، فترى أن هذا لا يبقى ذاك؟!.
قال (٦) : وأنا الحسن بن علي الجوهري ، أنا محمّد بن العباس الخزاز ، نا أبو عمرو عثمان بن جعفر بن اللبان ، حدّثني محمّد بن نصر قال :
__________________
(١) بالأصل : «كأخشية» تصحيف ، والتصويب عن د.
(٢) بالأصل : «صلاة أحسن» وفوقهما علامتا تقديم وتأخير.
(٣) تحرفت بالأصل ود إلى : رزيق.
(٤) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٣ / ٣١٧ ـ ٣١٨.
(٥) بالأصل ود بدون إعجام ، والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٦) القائل : أبو بكر الخطيب ، والخبر في تاريخ بغداد ٣ / ٣١٧.