فقال : فدعوت الله عزوجل فقلت : اللهمّ اذكرني ما كان مني في أهل الديماس ، اذكرني يزيد الرقاشي وفلانا وفلانا ، واكفني شر ابن أبي مسلم ، وسلّط عليه من لا يرحمه ، واجعل ذلك من قبل أن يرتد [إليّ] طرفي ، وجعلت أحبس طرفي رجاء الإجابة ، فدخل عليه ناس من البربر (١) ، فقتلوه ، ثم أتوني يطلقوني. فقلت : اذهبوا ودعوني فإنّي أخاف إن فعلتم أن يروا أن ذلك من سببي ، فذهبوا وتركوني.
أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنا أبو الحسن السيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى ، نا خليفة (٢) ، حدّثني أبو اليقظان يعني عامر بن حفص ، عن الوضاح بن خيثمة ، حدّثني داود بن أبي هند ، حدّثني محمّد بن يزيد الأنصاري ، قال :
بعثني عمر بن عبد العزيز حين ولي ، فأخرجت من في السجون من حبس سليمان ما خلا يزيد بن أبي مسلم ، فنذر دمي ، فلمّا مات عمر ولاه يزيد بن عبد الملك أفريقية ، وأنا بها ، فأخذت فأتي بي في شهر رمضان عند الليل ، فقال لي : محمّد بن يزيد؟ قلت : نعم ، قال : الحمد لله الذي أمكنني منك بلا عهد ولا عقد ، فطال ما سألت الله أن يمكنني منك. قال : قلت ، وأنا طال ما سألت الله أن يعيذني منك ، فقال : والله ما أعاذك الله مني ، لو أنّ ملك الموت يسابقني إليك لسبقته ، قال : وأقيمت المغرب ، وصلّى ركعة ، وثار به الجند ، فقتلوه ، وقالوا : خذ أيّ طريق شئت.
أنبأني ابن الأكفاني ، عن عبد العزيز ، أنا عبد الوهّاب ، أنا أبو سليمان بن زبر ، أنا أبو محمّد الفرغاني ، نا محمّد بن جرير الطبري ، قال (٣) : وفي سنة اثنتين ومائة قتل يزيد بن أبي مسلم بإفريقية وهو وال عليها ، وكان سبب ذلك أنه كان ـ فيما ذكر ـ قد عزم على أن يسير فيهم بسيرة الحجاج بن يوسف (٤) فاجتمع رأيهم على قتله ، فقتلوه ، وولّوا على أنفسهم الوالي الذي كان عليهم قبل يزيد بن أبي مسلم ، وهو محمّد بن يزيد مولى الأنصار ، وكان في حبس (٥) يزيد بن أبي مسلم ، وكتبوا إلى يزيد بن عبد الملك : إنّا لم نخلع أيدينا من الطاعة ،
__________________
(١) زيادة عن المختصر.
(٢) كذا بالأصل ، وفي المختصر : الري.
(٣) رواه خليفة بن خيّاط في تاريخه ص ٣٢٦.
(٤) رواه الطبري في تاريخه ٦ / ٦١٧ حوادث سنة ١٠٢.
(٥) يعني ، وكما زيد في تاريخ الطبري هنا بعدها : في أهل الإسلام الذين سكنوا الأمصار ، ممن كان أصله من السواد من أهل الذمّة ، فأسلم بالعراق ممن ردّهم إلى قراهم ورساتيقهم ، ووضع الجزية على رقابهم على نحو ما كانت تؤخذ منهم وهم على كفرهم.