قالا : نعم ، قال : فإنّي أحدثكم عن هذا الأمر ، إنّ الله كان خصّ رسوله في هذا الفيء بشيء [لم](١) يعطه أحدا غيره ، فقال الله عزوجل : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ ، فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ ، وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ ، وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(٢) ، فكانت هذه خالصة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فما احتازها دونكم ولا استأثر بها عليكم ، لقد أعطاكموها وبثها فيكم حتى بقي منها هذا المال ، فكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال ، ثم يأخذ ما بقي فيجعل مجعل مال الله ، فعمل بذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم حياته ثم توفي رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال أبو بكر : أنا ولي رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقبضه ، فعمل فيه بما عمل فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأنتما حينئذ ، ـ وأقبل على عليّ وعبّاس يذكر أن أبا بكر كما يقولان ـ والله يعلم أنه فيهما لصادق برّ راشد ، تابع للحق ، ثم توفّى الله أبا بكر ، فقلت : أنا ولي رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأبي بكر ، فقبضته سنتين من إمارتي أعمل فيه بمثل ما عمل به فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وما عمل فيه أبو بكر ، وأنتما حينئذ ، وأقبل على عليّ وعباس يذكران أنّي فيه كما يقولان ، والله أعلم أني فيه لصادق برّ راشد ، تابع للحق ، ثم جئتماني كلاكما وكلمتكما واحدة وأمركما جميع ، فجئتني ـ يعني عباسا ـ فقلت لكما إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لا نورث ما تركناه صدقة» فلما بدا لي أن أدفعه إليكما قلت : إن شئتما دفعته إليكما على أن عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان فيه بما عمل فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأبو بكر وما عملت به منذ وليته وإلّا فلا تكلماني ، فقلتما : ادفعه إلينا بذلك فدفعته إليكما أفتلتمسان مني قضاء غير ذلك ، فو الله الذي لا إله إلّا هو ، الذي بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضي فيه بقضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة ، فإن عجزتما فادفعاه إليّ فأنا أكفيكماه.
أخرجه البخاري (٣) عن أبي اليمان. ذكره محمّد بن عمر الواقدي عن أبي بكر بن أبي ..... (٤) ، عن عبد الواحد بن أبي عوف ، عن عمران بن أبي أنس ، عن مالك بن أوس ابن الحدثان قال :
قدمنا مع عمر بيت المقدس ، فدخل المسجد فتقدم الصخرة ، فجعلها خلف ظهره وقال : هذه القبلة ، ثم قال : عليّ بعبد الله بن سلّام ، فأتي به ، فأقبل يمشي وعليه نعلان مخصوفتان ، حتى وقف ، وعمر يصلّي ، فلما فرغ عمر أقبل على بن سلام فقال : يا ابن
__________________
(١) زيادة لازمة عن المختصر.
(٢) سورة الحشر ، الآية : ٦.
(٣) صحيح البخاري ، باب فرض الخمس ٤ / ٤٢.
(٤) كلمة مطموسة بالأصل.