جئت بدنانير لي ، فأردت أن أصرفها ، فلقيت طلحة بن عبيد الله ، فاصطرفها وأخذها ، وقال : حتى يجيء خازني من الغابة ، وقال فيها كلها : هاء وهاء ، فسألت عمر بن الخطّاب عن ذلك ، فقال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «الذهب بالورق ربا إلّا هاء وهاء ، والبر بالبر ربا إلّا هاء وهاء ، والشعير بالشعير ربا إلّا هاء وهاء ، والتمر بالتمر [ربا] إلّا هاء وهاء» (١) [١١٨٦١].
أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد ـ في كتابه ـ وحدّثني أبو مسعود عبد الرحيم بن علي ابن حمد عنه ، أنا أبو نعيم الحافظ ، نا سليمان بن أحمد ، نا أبو زرعة ، نا أبو اليمان ، أنا شعيب ، عن الزهري (٢) قال : أخبرني مالك بن الحدثان النّصري.
أن عمر بن الخطّاب دعاه بعد أن ارتفع النهار ، قال : فدخلت عليه ، فإذا هو جالس على رمال (٣) سرير له ، ليس بينه وبين الرمال فراش ، متكئا على وسادة من أدم ، فقال : يا مالك ، إنه قد قدم من قومك أهل أبيات حضروا المدينة ، وقد أمرت لهم برضخ (٤) فاقبضه فاقسمه بينهم ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، لو أمرت بذلك غيري ، قال : اقسمه أيها المرء ، فبينا أنا عنده إذا جاء حاجبه يرفأ (٥) فقال : هل لك في عثمان ، وعبد الرّحمن ، والزبير ، وسعد يستأذنون ، قال : فأدخلهم ، فلبث قليلا ثم جاءه فقال : هل لك في علي ، وعبّاس يستأذنان؟ قال : فأذن لهما فدخلا ، فقال العبّاس : يا أمير المؤمنين اقض بيننا ـ وهما يختصمان في الصوافي التي أفاء الله على رسوله صلىاللهعليهوسلم من أموال بني النضير ـ فاستبّا عند عمر ، فقال الرهط الذين عنده : يا أمير المؤمنين اقض بينهما ، وأرح أحدهما من الآخر ، قال عمر : اتئدوا (٦) أنشدكم الله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض ، هل تعلمون أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لا نورث ، ما تركناه صدقة» يريد بذلك نفسه ، فقالوا : قد قال ذلك.
فأقبل عمر على علي وعلى العبّاس : أنشدكما الله ، أتعلمان أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال ذلك؟
__________________
(١) هذه رواية الموطّأ للحديث ـ راجع رقم ١٣٢٧.
(٢) الخبر في سير أعلام النبلاء ٤ / ١٧٢ مختصرا ، وبطوله في صحيح مسلم (٣٢) كتاب الجهاد ، (١٥) ، باب حكم الفيء ، رقم ٣١٧٥٧ / ١٣٧٧ وما بعدها.
(٣) الرمال : بضم الراء وكسرها. وهو ما ينسج من سعف النخل وغيره ، ليضطجع عليه.
(٤) الرضخ : العطية القليلة.
(٥) بالأصل : يرقا ، تصحيف ، والصواب ما أثبت ، ويرفا منهم من همزه «يرفأ» ومنهم من لم يهمزه.
(٦) أي اصبروا وأمهلوا.