ذلك حضّ للأعراب على الهجرة ، قيل ولا يجوز أن تكون الموالاة لأنه عطف عليه وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر والمعطوف مغاير للمعطوف عليه فوجب أن تكون الولاية المنفية غير النّصرة انتهى. ولما نزل (ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا) قال الزبير هل نعينهم على أمر إن استعانوا بنا فنزل (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ) ومعنى ميثاق عهد لأن نصركم إياهم نقض للعهد فلا تقاتلون لأنّ الميثاق مانع من ذلك وخصّ الاستنصار بالدين لأنه بالحمية والعصبية في غير الدين منهي عنه وعلى تقتضي الوجوب ولذلك قدّره الزمخشري بقوله : فواجب عليكم أن تنصروهم. وقال زهير :
على مكثريهم رزق من يعتريهم |
|
وعند المقلّين المساحة والبذل |
وقرأ الأعمش وابن وثاب وحمزة (وَلايَتِهِمْ) بالكسر وباقي السبعة والجمهور بالفتح وهما لغتان قاله الأخفش ، ولحن الأصمعي الأخفش في قراءته بالكسر وأخطأ في ذلك لأنها قراءة متواترة ، وقال أبو عبيدة بالكسر من ولاية السلطان وبالفتح من المولى يقال مولى بين الولاية بفتح الواو ، وقال الزجاج بالفتح من النصرة والنسب وبالكسر بمنزلة الإمارة قال : ويجوز الكسر لأنّ في تولي بعض القوم بعضا جنسا من الصناعة والعمل وكل ما كان من جنس الصناعة مكسور مثل القصارة والخياطة وتبع الزمخشري الزجاج فقال : وقرىء (مِنْ وَلايَتِهِمْ) بالفتح والكسر أي من توليهم في الميراث ووجه الكسر أنّ تولي بعضهم بعضا شبه بالعمل والصناعة كأنه بتوليه صاحبه يزاول أمرا ويباشر عملا ، وقال أبو عبيد والذي عندنا الأخذ بالفتح في هذين الحرفين نعني هنا ، وفي الكهف لأنّ معناهما من الموالاة لأنها في الدين ، وقال الفرّاء : يريد من مواريثهم فكسر الواو أجب إليّ من فتحها لأنها إنما تفتح إذا كانت نصرة وكان الكسائي يذهب بفتحها إلى النصرة وقد ذكر الفتح والكسر في المعنيين جميعا ، وقرأ السلمي والأعرج بما يعملون بالياء على الغيبة.
وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ (٧٣)
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) وقرأت فرقة أولى ببعض. قال ابن عطية : هذا لجمع الموارثة والمعاونة والنصرة ، وقال الزمخشري ظاهره إثبات الموالاة بينهم كقوله في المسلمين ومعناه نهي المسلمين عن الموالاة الذين كفروا وموارثيهم وإيجاب مساعدتهم