ومصادقتهم وإن كانوا أقارب وإن يتركوا يتوارثون بعضهم بعضا. وقال غيره : لما ذكر أقسام المؤمنين الثلاثة وأنهم أولياء ينصر بعضهم بعضا ويرث بعضهم بعضا بين أن فريق الكفار كذلك إذ كانوا قبل بعثة الرسول صلىاللهعليهوسلم ينادي أهل الكتاب منهم قريشا ويتربّصون بهم الدوائر فصاروا بعد بعثه يوالي بعضهم بعضا وإلبا واحدا على الرسول صونا على رئاساتهم وتحزّبا على المؤمنين.
(إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ). الضمير المنصوب في (تَفْعَلُوهُ) عائد على الميثاق أي على حفظه أو على النصر أو على الإرث أو على مجموع ما تقدم أقوال أربعة ، وقال الزمخشري : أي إن لا تفعلوا ما أمرتكم به من تواصل المسلمين وتولي بعضهم بعضا حتى في التوارث تفضيلا لنسبة الإسلام على نسبة القرابة ولم تقطعوا العلائق بينكم وبين الكفار ولم تجعلوا قرابتهم كلا قرابة تحصل فتنة في الأرض ومفسدة عظيمة لأنّ المسلمين ما لم يصيروا يدا واحدة على الشرك كان الشرك ظاهرا والفساد زائدا ، وقال ابن عطية : والفتنة المحنة بالحرب وما انجرّ معها من الغارات والجلاء والأسر والفساد الكبير ظهور الشّرك ، وقال البغوي : الفتنة في الأرض قوّة الكفر والفساد الكبير ضعف الإسلام ، وقرأ أبو موسى الحجازي عن الكسائي : كثير بالثاء المثلثة وروي أن الرسول صلىاللهعليهوسلم قرأ وفساد عريض.
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٧٤)
هذه الآية فيها تعظيم المهاجرين والأنصار وهي مختصرة إذ حذف منها بأموالهم وأنفسهم وليست تكرارا لأن السابقة تضمنت ولاية بعضهم بعضا وتقسيم المؤمنين إلى الأقسام الثلاثة وبيان حكمهم في ولايتهم ونصرهم وهذه تضمنت الثناء والتشريف والاختصاص وما آل إليه حالهم من المغفرة والرزق الكريم وتقدم تفسير أواخر نظيرة هذه الآية في أوائل هذه السورة.
وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٧٥)