السنة. وقيل : في التوراة والإنجيل ، لأنهم أباحوا أشياء حرمتها التوراة والإنجيل ، والرسول على هذا موسى وعيسى ، وعلى القول الأول محمد صلىاللهعليهوسلم. وقيل : ولا يحرمون الخمر والخنزير وقيل : ولا يحرمون الكذب على الله ، قالوا : (نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) (١) ، (وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى) (٢) وقيل : ما حرم الله من الربا وأموال الأميين ، والظاهر عموم ما حرم الله ورسوله في التوراة والإنجيل والقرآن. ولا يدينون دين الحق أي : لا يعتقدون دين الإسلام الذي هو دين الحق ، وما سواه باطل. وقيل : دين الحق دين الله ، والحق هو الله قاله : قتادة. يقال : فلان يدين بكذا أي يتخذه دينا ويعتقده. وقال أبو عبيدة : معناه ولا يطيعون طاعة أهل الإسلام ، وكل من كان في سلطان ملك فهو على دينه وقد دان له وخضع. قال زهير :
لئن حللت بجوفي بني أسد |
|
في دين عمرو وحلت بيننا فدك |
(مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) بيان لقوله : الذين. والظاهر اختصاص أخذ الجزية من أهل الكتاب وهم بنو إسرائيل والروم نصا. وأجمع الناس على ذلك. وأما المجوس فقال ابن المنذر : لا أعلم خلافا في أنّ الجزية تؤخذ منهم انتهى. وروي أنه كان بعث في المجوس نبي اسمه زرادشت ، واختلف أصحاب مالك في مجوس العرب. وأما السامرة والصابئة فالجمهور على أنهم من اليهود والنصارى تؤخذ منهم الجزية وتؤكل ذبيحتهم. وقالت فرقة : لا تؤخذ منهم جزية ، ولا توكل ذبائحهم. وقيل : تؤخذ منهم الجزية ، ولا تؤكل ذبائحهم. وقال الأوزاعي : تؤخذ من كل عابد وثن أو نار أو جاحد مكذب. وقال أبو حنيفة : لا يقبل من مشركي العرب إلا الإسلام أو السيف ، وتقبل من أهل الكتاب ومن سائر كفار العجم الجزية. وقال مالك : تؤخذ من عابد النار والوثن وغير ذلك كائنا من كان من عربي تغلبي أو قرشي أو عجمي إلا المرتد. وقال الشافعي ، وأحمد ، وأبو ثور : لا تقبل إلا من اليهود والنصارى والمجوس فقط. والظاهر شمول جميع أهل الكتاب في إعطاء الجزية. وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي : لا تؤخذ إلا من الرجال البالغين الأحرار العقلاء ، ولا تضرب على رهبان الديارات والصوامع المنقطعين. وقال مالك في الواضحة : إن كانت قد ضربت عليهم ثم انقطعوا لم تسقط ، وتضرب على رهبان الكنائس. واختلف في الشيخ الفاني ، ولم تتعرض الآية لمقدار ما على كل رأس ولا لوقت إعطائها. فأما مقدارها فذهب مالك
__________________
(١) سورة المائدة : ٥ / ١٨.
(٢) سورة البقرة : ٢ / ١١١.