والزبرجد. وروى أبو الدرداء عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «عدن دار الله التي لم ترها عين ولم تخطر على قلب بشر ، ولا يسكنها غير ثلاثة : النبيون ، والصديقون ، والشهداء يقول الله تعالى : طوبى لمن دخلك» وإن صحّ هذا عن الرسول وجب المصير إليه. وقال مقاتل : هي أعلى درجة في الجنة. وقال عبد الله بن عمرو : قصر حوله البروج والمروج ، له خمسة آلاف باب ، على كل باب خيرة لا يدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد. وقيل : قصته الجنة فيها نهر على حافتيه بساتين. وقيل : التسنيم ، وفيه قصور الدر والياقوت والذهب ، والأرائك عليها الخيرات الحسان ، سقفها عرش الرحمن لا ينزلها إلا الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون ، يفوح ريحها من مسيرة خمسمائة عام. وهذه أقوال عن السلف كثيرة الاختلاف والاضطراب ، وبعضها يدل على التخصيص وهو مخالف لظاهر الآية ، إذ وعد الله بها المؤمنين والمؤمنات. وقال الزمخشري : وعدن علم لقوله تعالى : (جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ) (١) ويدل عليه ما روى أبو الدرداء ، وساق الحديث المتقدم الذكر عن أبي الدرداء ، وإنما استدل بالآية على أنّ عدنا علم ، لأن المضاف إليها وصف بالتي وهي معرفة ، فلو لم تكن جنات مضافة لمعرفة لم توصف بالمعرفة ولا يتعين ذلك ، إذ يجوز أن تكون التي خبر مبتدأ محذوف ، أو منصوبا بإضمار أعني : أو أمدح ، أو بدلا من جنات. ويبعد أن تكون صفة لقوله : الجنة للفصل بالبدل الذي هو جنات ، والحكم أنه إذا اجتمع النعت والبدل قدم النعت ، وجيء بعده بالبدل.
وقرأ الأعمش ورضوان : بضمتين. قال صاحب اللوامح : وهي لغة ، ورضوان مبتدأ. وجاز الابتداء به لأنه موصوف بقوله : من الله ، وأتى به نكرة ليدل على مطلق أي : وشيء من رضوانه أكبر من كل ما ذكر. والعبد إذا علم برضا مولاه عنه كان أكبر في نفسه مما وراءه من النعيم ، وإنما يتهيأ له النعيم بعلمه برضاه عنه. كما أنه إذا علم بسخطه تنغصت حاله ، ولم يجد لها لذة. ومعنى هذه الجملة موافق لما روي في الحديث : «أن الله تعالى يقول لعباده إذا استقروا في الجنة : هل رضيتم؟ فيقولون : وكيف لا نرضى يا ربنا؟ فيقول : إني سأعطيكم أفضل من هذا كله رضواني ، أرضى عنكم فلا أسخط عليكم أبدا» وقال الحسن : وصل إلى قلوبهم برضوان الله من اللذة والسرور ما هو ألذ عندهم وأقر لأعينهم من كل شيء أصابوه من لذة الجنة. قال ابن عطية : ويظهر أن يكون قوله تعالى : ورضوان
__________________
(١) سورة مريم : ١٩ / ٦١.